لم اتصور أنني سأتعلق بها، وأحبها!!
600صفحة توقعت أن تستمر معي شهرا كاملا خاصة أنني لا أطيق التفاصيل المملة لكن الموضوع تاريخي وجاذب جدا الفترة العثمانية وعن الفن المعماري في اسطنبول، اسمتعت حتى بالتفاصيل، وفي نصفها قلت ما فائدة هذه الصفحات كلها؟! لا أدري إلى أين توصلنا شافاق ولا يوجد هناك اسئلة مثيرة أكثر وقد عهدتها برواية ثانية كيف تشحذ حماسنا وتثير الالغاز في كل صفحة! لكن هنا سرد تاريخي ومع ذلك قلمها يخط ببراعة تجعلنا نرى بوضوح ونعيش تلك الحقبة بكل صراعاتها وأحداثها السياسية والاجتماعية وكوارثها! لذلك كنت استمتع معها وحسبت نفسي اجوب الشوارع مع ابطالها! إلى أن وصلنا للحظة الاندهاش ! وعرفت أنه كان لا بد من 600 صفحة! رواية كامل لا تشوبها أي شائبة!كل تفصيل فيها ضروري ومهم لتفهم القصة"قصة جهان ومعلمه" وما وراء قصتهم، كتب التاريخ جامدة ولا تعطينا لمحة من حياة البسطاء والناس العاديين والمختلفين تسرد فقط الحروب والسلاطين لكن ماذا عن حياة الشعب وأزماته التي تتمثل في غير تداول سلاطين بني عثمان! ماذا عن خزعبلاتهم وفقرهم! ماذا وراء كل تلك المساجد التي شيدها السلاطين لتخليد اسمائهم! كيف شيدوها على جوع وجهل رعيتهم!من حياتهم تفهم أن السلطة شهوة وعقيدة لها اتباع مشوهون ! وتبحث عن ذلك الدين الذي اخرجهم من الظلمات إلى النور تتساءل عن حملهم للرسالة؟! أية رسالة تلك التي بحملونها ويسمون أنفسهم خلفاء وظل الله على الأرض؟ بل هو دين ابتدعوه وجعلهم يرتكبون الحروب والمجازر دينهم كان باهتا ومجرد سلم يصعد من خلاله اصحاب السلطة والمستبدين! هذا دينهم وحدهم عندما استغلوه لزيادة جهل رعيتهم ! الرواية مجرد فن وخيال لكن عندما تكون على اساس تاريخ تلمح الكثير من الاشياء التي لا تُحكى صراحة!تفاصيل تكون بين سطور كتب التاريخ نستدل عليها عندما نضع ايدينا على النهاية!
استطيع أن أقول أن إليف شافاق عبقرية واسعة الاطلاع والمعرفة استطاعت أن تبني رواية من نظرة إلى لوحة تاريخية فيها السلطان سليمان ومن ورائه مسجد اللسليمانية وفيل ومروضه واقفان على هامش الصور، وأيضا من مجرد مشهد وهي في سيارة الأجرة! وهكذا نسجت لنا هذه الحكاية!