اسم الكتاب:الروائي الساذج والحساس
اسم الكاتب: اورهان باموك
عدد صفحاته: 153
تقييمي:4/5
"هذا الكتاب هو كل متكامل يضم معظم الأشياء المهمة التي عرفتها وتعلمتها عن الرواية"
ماذا يجري في عقلنا عندما نقرأ الروايات؟ كيف نحوّل الكلمات الى صور ذهنية؟ لماذا نقرأ الروايات؟ من هو القارئ الساذج ومن هو القارئ الحساس؟ بماذا يفكر الروائي أثناء كتابة الرواية؟ ماذا يعتقد حول القارئ؟ كيف يخطط لروايته؟ ما العلاقة بين المتحف والرواية؟ ما العلاقة بين اللوحة والرواية؟ من هو الروائي الساذج ومن هو الروائي الحساس؟
يضم هذا الكتاب محاضرات اليوت نورتون في جامعة هارفرد 2009 قدمها باموك حيث هدف باموك من اختياره لهذه المحاضرات التحدث عن أسلوبه في كتابةالروايات آخذاً بعين الاعتبار موضوع المحاضرةالتي كان يناقشها، وهدف إلى تقديم أمثلة واقعية من حياته الشخصية كروائي بالاضافة إلى ما عرفه وقرأه عن روائيين آخرين.
قدم باموك في هذا الكتاب تجربته كقاريء وروائي وأشار في حديثه على أنهما مرتبطان مع بعضهما البعض.
قسم الكتاب إلى ستة محاور وهي
1. كيف تعمل عقولنا عندما تقرأ الرواية: حيث أشار باموك أن الرواية حياة ثانية فهي تكشف لنا الألوان والتعقيدات في حياتنا وهي مليئة بالناس الوجوه والأشياء التي نشعر لأننا نعرفها من قبل.
"الكثير من التفاصيل التي نشعر بها في الرواية تُحاك بدفة وتجهز لنا، ونشعر بحاجة إلى امتلاك مساحة في ذاكرتنا أثناء القراءة، تبدو كل التفاصيل في هذا المشهد كما لو أنها في لوحة."
"المتعة الحقيقية في قراءة الرواية تبدأ من قابلية رؤية العالم ليس من الخارج ولكن من خلال عيون الشخصيات التي تستوطن ذلك العالم. فعندما نقرأ الرواية ، فإننا نتأرجح بين المشاهد الطويلة واللحظات الخاطفة."
إن عقولنا وكما أشار باموك في هذا الجزء تعمل بكل نشاط كلما تعمقنا أكثر في الرواية، فهناك من يقرأ الرواية بطريقة يكون بها حساس وهناك من يقرأها وهو ساذج وهناك من يجمع الاثنين معاً.
2. سيد باموك هل حدث حقاً كل هذا معك؟ في هذا المحور طرح تساؤل القراء عندما يقرأون لكاتب معين رواية، هل بطل الرواية هو نفسه الكاتب؟ إضافة إلى قيام القراء بمقارنة بطل الرواية بالكاتب.
فقد أشار باموك إلى أن القراء والكتّاب كلاهما يعرفان ومتفقان على حقيقة أن الروايات ليست خيالية بالكامل وليست حقيقية بالكامل وهنا ندخل إلى التفريق بين القاريء الساذج والقاريء الحساس في قراءة الرواية. فالقاريء الساذج: هو الذي يقرأ النص دائماً على أنه سيرة ذاتية أوعلى أنه نوع من الوقائع المقنعة من تجارب واقعية. بينما القاريء الحساس: هو الذي يعتقد بأن كل النصوص هي بنيات خيال.
3. الشخصية الأدبية الحبكة والزمن: " الروايات الأدبية تقنعنا بأننا يجب أن نتعامل مع الحياة بجدية من خلال إظهار أننا في الحقيقة نمتلك قدرة التأثير على الأحداث وأن اختياراتنا للشخصية تشكل حياتنا."
تحدث في هذا المحور باموك حول توظيف الكتّاب لشخصيات رواياتهم مثل ديستوفسكي وشكسبير، فالشخصية هي شيء أساسي في عالم الرواية فهي صناعة الخيال البشري تركيبي مصطنع. وقد أشار في هذا المحول إلى كيف أن الشخصية الروائية تتبنى الحبكة والاطار والزمن أثناء كتابةالرواية، فمهمة الكاتب الأساسية هو ابتكار بطل الرواية "فالهدف الأساسي من فن الرواية هو إعطاء وصف دقيق للحياة"، " الدافع الأساسي الأقوى الذي أشعر به عندما أكتب رواية هو حري على أن (ارى) في الكلمات بعض المواضيع والثيمات من أجل أن اكتشف جانباً من الحياة لم يُصور من قبل على الاطلاق وأن أكون أول من وضع في الكلمات مشاعر وأفكار........"
4. الكلمات، الصور والاشياء: تطرق في هذا المحور إلى أهمية الكلمة والصورة والأشياء للروائي عندكتابة الرواية، فنحن كقراء عندما نقرأ لديستوفسكي نشعر أننا نواجه شيئاً عميقاً ومفاجئاً وحصلنا على معرفة عميقة عن الحياة.
إن كل نص أدبي يحاكي كل من الذكاء البصري والذكاء اللفظي على السواء، وهناك من الكتّاب من يفضلون محاكاة خيالنا اللفظي وهناك آخرون يفضلون مخاطبة خيالنا البصري. انه يعتمد علينا كقراء عندما نقرأ . ومن وجهة نظر باموك فإن الرواية في جوهرها خيال أدبي بصري فهي تمارس تأثيرها علينا من خلال محاكاة ذكائنا البصري، فهي تعتمد على ذاكرتنا من التجارب الحياتية اليومية والمشاعر الحسية.
5. المتاحف والروايات: في هذا المحور تحدث باموك عن ظروف كتابته روايته "متحف البراءة" كمثال عن هذا المحور وكيف صنع ظروف روايته في منزله وتخيل كل ظروف روايته وقام بتوفير كافة الأدوات التي تتحدث عنها الرواية واستقى الالهام من هذا المكان لروايته.
"فكلما كانت الرواية قوية ومقنعة أكثر، زاد ألم الشعور بالعجز كلما زاد تصديق الجانب الساذج في الرواية وأصبح مبهوراً بها زادت خيبة أملنا على تقبل أن العالم الذي تصنعه الرواية مجرد عالم خيالي."
6. محور الرواية: "هو رأي عميق أو رؤية عن الحياة، نقطة راسخة عميقة من الغموض، سواء كانت واقية ام خيالية"
"كتابة الرواية قد تشبه عبور غابة، تكريس اهتمام عاطفي لكل شجرة، تسجيل ووصف كل تفصيل، وكأنما الفكرة من رواية القصة هي مجرد جعلها تمر في كل مكان في الغابة."
يعرّف كاتب الرواية أن محور الرواية هو البديهية ، الفكرة أو المعرفة التي تلهم العمل. في الغالب يظهر محور الرواية عندما تُكتب الرواية قمع كتابة الرواية ينضج موضوعها الحقيقي وينضج محورها الحقيق .
ختاماً، هوكتاب يستحق القراءة لأكثر من مرة والتعمق بكل حيثياته لأنه قدم هذه العناوين وطرحها بلغة سردية سهلة موثقة بأمثلة من الواقع من خلال قراءاته للكتّاب المختلفين فهو بالتالي حمل وجهة نظر القاريء والكاتب معاً، أنصح كل من يقرأ ان يقرأ هذا الكتاب