وعندما هلّ المساء استدعوا حلاقًا يهوديًا يُدعى سليمان، وكان نحيف الجسد له لحية خفيفة تظهر عروقه من تحت جلده، وأمروه بذبح القسيس، فأخرج سليمان من حقيبته موس حلاقة وأخذ يصقله ليكون حادًا ويذبحه بسهولة، لكنه نظر إليه وهو مقيد وقد خارت قواه من كثرة الضرب والتعذيب، فتردد قليلاً واهتزت يده بالموس.. فصرخ داوود في وجهه قائلاً: "إنه أممي ودمه حلال لنا"، وأخذ سكينًا حادًا وانهال عليه بوحشية في كل اتجاه، فقطع أوصاله وشق جذعه ولم تشفع عنده صرخات القسيس وتوسلاته.. حتى أتى أخوه هارون هراري وأتم عملية الذبح، ثم قاموا بتجميع دمه في قارورة كبيرة شفافة وهرع بها إلى الحاخام باشا يعقوب العنتابي في هيكل اليهود، والذي أمرهم بعملية الذبح.. وكان جالسًا داخل حجرة مظلمة على كرسي خشبي كبير ذي وسادة وثيرة، محفور عليه نجمة داوود ضخمة، مرتديًا عمامة سوداء كبيرة مطرزة بزخارف عربية، وعباءة سوداء واسعة مطرزة بخيوط ذهبية نباتية، وحزام حريري أحمر، ولحيته البيضاء الطويلة تتدلى حتى منتصف صدره.. جلس يترقبهما بعينيه الغائرتين بفارغ الصبر لحاجته إلى دم أضحية من أجل إعداد فطيرة عيد البوريم من دم أممي.
بنت صهيون > اقتباسات من رواية بنت صهيون
اقتباسات من رواية بنت صهيون
اقتباسات ومقتطفات من رواية بنت صهيون أضافها القرّاء على أبجد. استمتع بقراءتها أو أضف اقتباسك المفضّل من الرواية.
بنت صهيون
اقتباسات
-
مشاركة من المغربية
-
وسارت مريم عبر طريق جبلي مرتفع داخل المستوطنة، بين المباني البيضاء ذات الشكل الموحد، والتي لا تتعدي ثلاثة طوابق، حتى وصلت إلى منزلها في نهاية المستوطنة.
وما أن وصلت إلى منزلها البسيط حتى ارتمت على الكرسي المجاور للباب وقذفت حقيبتها بعيدًا، بعد أن ظهرت عليها ملامح التعب والضيق.. وكانت أمها في المطبخ المعلق به ثمار الثوم وأوانٍ فخارية تحضّر الغداء، مرتدية مريلة المطبخ على ملابسها اليهودية التقليدية، وتغطي شعرها بغطاء الرأس يظهر من أسفله شعرات حمراء.. بدينة الجسم والوجه، ذات عينين جاحظتين وأنف كبير ذي نهاية مستديرة. تملأ يديها وملابسها رائحة الطبخ، بينما كان إخوتها الصغار يلعبون بالمطبخ وهي تنهرهم.. فصاحت من الداخل:
- ها قد أتيتِ.. كنت أعتقد أنك ستقضين عطلة هذا الأسبوع في أورشليم.
فصاحت بصوت مرتعش:
- ألا تريدوا أن ترونني؟
- بالعكس.. ولكن اليوم قد ظهرت عليك ملامح التعب والإرهاق.
فردت مريم بقوة:
- لقد مللت من الحياة هنا.. كل شيء هنا كئيب ومقبض.. المساكن عبارة عن كتل خرسانية كأننا في سجن.. الكل هنا يراقب بعضه ويخاف من بعضه.. ليتني بقيت في أورشليم.
فردت الأم قائلة:
- ولكن تلك هي حياتنا التي لن نستطيع أن نغيّرها.. لقد جئنا إسرائيل ولم تحتوِ جيوبنا سوى على الفتات.. لولا أبوك وعلاقاته هي التي جعلتنا في هذا المستوى.. ثم لا تنسي أنك تعيشين في أفخم مستوطنة وأجمل مجمع سكني بها.
- وأين هو الآن؟ أكيد يقوم بعض أعمال السمسرة.
مشاركة من المغربية
السابق | 1 | التالي |