في بيتنا كتاب
العاديات لـ / مصطفى سيف الدين
هي ثاني تجربة لي مع الكاتب الشاب والمدون مصطفى سيف الدين ، وقد سعدت بهذه التجربة جدًا ، فمصطفى هو خير دليل على أن الأدب الشبابي ما زال بخير وأن هناك أمل في هذا الجيل ، وأن كنت أتمنى أن تسلط الأضواء الثقافية والأدبية على هؤلاء المبدعين بحق دون غيرهم من مدعيَّ الأدب والتي تغط صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بما لا يسمن ولا يغني من جوع.
في البداية ، لفت انتباهي هذا الاسم الجميل والذي غالبيتنا قد سمع به من قبل من خلال سورة العاديات ، ولمن يسأل عن معناه فهو يعني : الخيل ، كما لفت انتباهي أيضًا الغلاف الرائع والمميز الذي اختاره الكاتب.
نأتي للمضمون ، تعتبر هذه الرواية من الروايات ذات النزعة الصوفية والتي بدأت في الانتشار من فترة ليست بالقصيرة كموضة جديدة ، هكذا أظن ، فبعد أن كانت الموضة في الكتابة تتمحور حول أدب الخيال العلمي ومن ثم انتقلت لأدب الرعب ، نجدها قد حطت رحالها مؤخرًا في حقل الصوفية ، والكثير من الكتاب الشباب والمخضرمين قد حاولوا دخول هذه المجاهل ، ومنهم من نجح في ذلك ومنهم من فشل فشلاً ذريعًا واعتقد أن مصطفى كان من النوع الأول.
فقد جاءت روايته متماسكة وبها تلك اللمحة الصوفية وإن كانت غير مغرقة بالفلسفة وهذا شيء جميل لأنها لو كانت مغرقة بالفلسفة لجاءت متكلفة ومدعية.
أعجبني طريقة رسم الشخصيات وإن كنتُ غير مقتنعة بالتغير المفاجئ الذي حدث لعامر ، لكن بشكل عام الرواية ممتعة وتشد الانتباه وفيها عنصر التشويق والإثارة.
النقطة الوحيدة التي قد لا تعجب بعض القراء وقد يعتبرونها نوع من الشطط الفكري هي الحديث عن الجن والشياطين والتي وصفها مصطفى بـ " الكائنات " ، لكني لم أجد أي غضاضة في الحديث عنها ولم تكن مشكلة بالنسبة لي ولم أشعر بأنها أخلت بسياق الرواية.
عمومًا كانت رحلة رائعة تجولت من خلالها في أنحاء " قفـط " حيث تدور أحداث الرواية والتي هي بالأساس بلد الكاتب حيث اختارها لتكون البطل الحقيقي للرواية.
وهذه بعض الاقتباسات التي أعجبتني من الرواية:
• ربي إن بذرتي قد حملتها الرياح النائية إلى أرض ليست أرضي ، فهل إن صارت شجرة لن تُظلل قبري ؟
• جسد المؤمن لا يحمل إلا النور.
• كل منا بداخله مرماح من هواجس وأفكار وأحلام وطموحات ، كلها تتصارع بداخل كل منا فتثير الأتربة وتحجب الرؤية ، عليك أن تنظف الأتربة أيها الحاج كي ترى.
بالتوفيق للصديق والكاتب الشاب مصطفى سيف الدين وفي انتظار المزيد.
****