فراشات على الورق
تأليف
أنور سابا
(تأليف)
تعبَقُ الجدرانُ برائحةِ أصحابِها حتى وإن غابوا. تسمَعُ حجارَتُها هسهساتِ أصواتِهِم أغانى أطفالِهِمْ، وقْعَ أقدامِهِمْ المُترَبة يقفِزونَ، يلعبونَ فى رحابِ بَيتِهِمْ الكريمْ. تشمُّ القناطِرُ شَذى عرقِ تَعبِهِم ونكهَةَ الخبزِ المُقمرِ مِن تَنّورٍ تتراقصُ نارُهُ على أصواتِ أطفالٍ تستعجلُ الرغيفَ الملتوثَ بالزيتِ والسُّكَّرْ. يُغنُّونَ فتختالُ القَناطِرُ فَرَحاً يُزقزِقُ الدورى المعشِّشُ بينَ أوراقِ الشجرِ ينقُرُ حبّاتِ التوتِ الناضِج ِ يرفُّ بجَنَاحَيهِ راضِياً مُطمَئنّاً.
الشاعر أنور سابا
أنور
شاعر يجلس وراء مشربيَّة الكلام، دورياً مُحلقاً ضاجاً بقلقه وأسئلته، مسكوناً بهواجس الإنسان...
يُطلُ على أسار الوجود، مسافراً إلى الأقاصي بحثاً عن المُشتركِ الإنساني...
ينسج هُويتهُ الشعرية خارج المألوف الإبداعي كي يواصل استقبال الصباح من خلف نافذةٍ تغزل لعصافير الكلام ريشاً وأجنحةً، لتُحلقَ فوق سطح غيمة تشُدُّ وتراً وتصنع ناياً وتحوكُ أغنية...
في كل مرةٍ التقيهِ بعد قصيدةٍ بعد قصيدةٍ من شَغَبنا الإبداعي أراه يرسمُ الحروفَ مغموسةً بصدقِ الرسالة...
يبحث عن موقف في الحياة وموقف في الأدب يجِدُ نفسَهُ فيه غير منافقٍ ولا مُفترٍ ولا مُنقاد، لأنه ايمانٌ راسخٌ إلى حدِّ التعصّب لِما يراهُ حقاً وواجباً، كي يُبقي قصيدتَهُ وفيّة لتفاصيل الواقع حتى حين يُغرقُها عبثُ الوجود...
تقرأهُ فتُحِبُ معه الحقيقة، قصيدة تقطر بالجمال المُنمّق التي تحولُ دونَ تهافتِ الوعي واستمرار تفكُك الذات ودون الضيق في أفق الرؤيا كي تظل صوتاً خارجَ المألوف والمعتاد.
الشاعر والأديب رشدي الماضي.