الألم! أزمة الوجود الإنسـاني في المطلق! الرغبة في الانفكاك، والهرب، والاستعلاء للوصول إلى دور الإله، وفقدان البشرية! وكل طريق يفقد فيه الإنسـان بشريته ويستعلي ليتحول إلى إله يصير فيه مسخًا. .
الإنسـان "مُصمَم"، "مخلوق" أعده الله للحياة، وأعد الحياة له. . لا يمكن الخروج عن النسق أبدًا، الله خلق المنظومة، وأوجدك في المنظومة بشكل وحال، لا يمكن للإنسـان مهما فعل أن يخرج من هنا، لأن خروجه نفسه جزء من القدر المحيط به، لا يمكنك الفرار من قدر الله، إلا إلى قدر الله! ذلك الدعاء ذاته جزء من القدر، الذي تلعب أنت فيه دورًا، ولا تقوم به ككل منفردًا. .
الألم! الألم ضروري للحياة! أردت ذلك أو لم ترد هو جزء من الحياة، لو أراد الله أن يخلق بيئة أخرى، لا يكون الألم فيها مهمًا لفعل، لكـن مادمت في هذه الحياة، فلتعلم أنك مصاب بالألم ولا شك، لا يمكن للإنسـان التخلص من الألم، جزء من الحياة، مهم لها، ولك! واحمد الله أنك مازلت تشعر بالألم الحسي والمعنوي، مستعمرات الجذام من ناحية، والأمراض المتصلة بالأعصاب الطرفية تجعلك تحمد الله على الإحسـاس بالألم. .
الألم في ذاته مهم، والحزن والهم في ذاته مهم، لا نغرق فيهم، ولا نطلبهم إنما نسأل الله أن يجنبنا الفتن، ويرزقنا العافية، ونحمد الله على الحزن والهم، كما نحمده على غيرهما.
أزمة من المسئول عن الألم، في نهاية المطاف، لو مقدرناش نحط القدر، والكسب في منظومة، ندرك بيها الأشياء ككل، كل الأشياء هتنهار. .
هل الإنسـان له إرادة حرة؟
نعم. .
هل الإنسـان محاسب على أفعاله واختياراته؟
نعم. .
هل الإنسـان مستقل بالأشياء دي كلها؟ هي دي بقى الأزمة كلها، هي دي الأزمة كلها. . الأشياء بتبان إنها اختيارات حرة، لكـن هي لا اختيارات حرة ولا نيلة، زي ما الجوكر بيقول: "أنت بتختار كذا، وفي اختيارات اختارت الباقي، حتى اختيارك كذا نتيجة كذا اختيار تاني. . "
المأذي مؤذي بطبيعته، قولت ده كتير، وكررنا كتير، مين مسئول؟ اللي بيفعل الشيء هو المسئول عنه، لكـن هات السلسلة من أولها، هات اجتماع الناس، وهات البيئة، وهات الوراثة والجينات، وبص على الصورة بشكل تاني، هتلاقي كلام توف: "بالنظر إلى طبيعة حياته ربما كان من المفترض أن يكون أسوأ"، دايرة، دايرة ومقفولة.
الله! لا سبيل للحياة ولا للموت بدون الله! الله ليس العالم، هو خالقه، وليس متحدًا به، والله كذلك لم يخلق الكون ويتركه يسير بالقوانين، الإله الذي هو الله، هو الضمان الوحيد لكل شيء في الحياة كما يقول: "لولا وجود الله لكانت الحياة لعبة خاسرة لا معنى لها". .
الله سمح بالشر في هذا العالم، سمح بوجوده، وقل كل من عند الله، ولا ننسب لله الشر، تأدبًا، وهو خلقه وقدره في نهاية المطاف، وإذا مرضت فهو يشفيني، فمن أمرضه في نهاية المطاف؟هذا من ناحية. .
ومن ناحية أخرى! من قال أن الإنسـان بوصفه محدودًا وقاصرًا قادر أصلًا على إدراك الخير والشر! ومن قال أن الشر الذي هو بوصفنا شرًا هو شر محض! احترم بشريتك ومحدوديتك، وارحم نفسك.
الله خلق العالم، وخلق الإنسـان ليستأسد عليه، يستأسد عليه بالله! وكل محاولة للانفصال أو الانعزال أو العمل منفردًا بلا إله تورث الإنسـان كل الشرور. .
الإنسان إلى زوال، والإنسـان خالد!
الإنسـان إلى زوال من هذه الحياة، مهما فعل، هو إلى زوال في هذه الدنيا، وهو خالد في النعيم الدائم، أو العذاب الدائم، (اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول)، الألم إعادة تذكير بالله، إعادة ارتباط بالروح، إعادة تقرير أن كل ما في هذه الأرض وكل ما عليها زائل، وأنت كذلك!
أنت جزء من نظام هذا الكون! "لن يقف الموج بعد رحيلك" وفي ذات الوقت، أنت فريد، ولك اتصال مباشر! بخالق هذا الكون ومدبره! اتصال عبودية وطاعة! لا اتصال فرض أوامرك على الذي خلقك وأوجدك وأوجد لك هذه اللعبة بأكملها!
لا يكون للألم معنى بغير الفهم! الإنسـان يحاول أن يفهم، طب ليه؟ طب أنا عملت إيه؟ تقول: "هو سابني علشان وحشة؟" طب "أنا كنت وحش لدرجة إنها مقدرتش تتحمل وجودي؟"، أشياء من هذا القبيل يقولها الإنسـان، لأن الإنسـان يسعى دائمًا لأن يفهم. . واصعب ما يمر على الإنسـان أن يتألم بلا سبب ولا هدف
إن الألم الرهيب الذي يتحمله الإنسـان، وانكسار الحياة بعد الفراق هو الثمن، الثمن المدفوع من أجل نيل الحب! الأزمة فين؟ الأزمة أنك بشر! لن تفهم!
أصحاب السفينة فهموا، فهموا بعد أن خُرقت السفينة، أن الله قدر لهم الخير بخرقها بعبد صالح، أما أهل الطفل المقتول! فربما لم يفهموا! كيف يمكنك أن تفهم أنه لو كبر صغيرك لأصبح فاسدًا، وربما أفسد عليك حياتك وآخرتك! كيف للإنسـان أن يتصالح مع هذا! لن تفهم كل شيء، وعلى الأغلب لن تفهم أغلب الأشياء. .
الحكمة لا ارتباط لها بفعل ما يتوجب فعله، والفهم كذلك ليس واحدًا من الأشياء التي تأتي مع الألم، أنت محدود وقاصر! مع رغبتك في الفهم يوجد فهمك لمحدوديتك. . احتمل الألم!
عدم الفهم يورث مزيدًا من الألم! وكذلك الوحدة! مجرد حضور الآخرين! يقلل من الألم! كتبنا سابقًا: "كل الجروح بتخف بالأحباب!" وهذا عين ما يقوله. .
أين الأزمة في هذا؟ أزمة الامر أنها (game) كما قلنا مرارًا وتكرارًا!
الgame معدة لإن كل الحاجات بتودي لكل الحاجات، الأشياء الثابتة دي هناك، عندها، هنا، انسى، كل حاجة بتؤدي لكل حاجة، وكل الحاجات الصح، بتوصل للغلط، وكل شيء جايز وممكن. .
تعمل معصية، تعذب نفسك بيها طول حياتك، توصل بيها للنعيم في الخلود، تعمل حسنة، تفضل شايفها قدام عينك طول حياتك، توصل بيها جهنم!
زي الإمام ما قال، طلبنا العلم لغير الله! فأبى! أن يكون إلا لله!
العلاقات اللي هي المفروض واحدة من أهم الأشياء اللي بتخفف الألم، هي هي نفس العلاقات اللي بتجلب كل الألم!
الحب الذي هو بهجة الدنيا وزينتها! هو هو نفسه: أنت القتيل بأي من أحببته!
العلاقات هي أجمل ما في الحياة! وهي أقسى ما في الحياة!
علاقة هتحسسك إنك محبوب ولك قيمة وطاير في السما، وعلاقة هتحسسك إنك مرفوض ومستبعد ومفروض تقتل نفسك. .
هل الألم مرتبط بالإبداع؟ آه، الألم مرتبط ارتباط وثيق بالإبداع، من رحم المعاناة، بتطلع كل حاجة حلوة! لكن زي ما بيقولوا: الفرح عقيم!
كيف يجب أن يكون رد الفعل على الألم؟ صيح! - لكن هي في نهاية المطاف مسألة ذاتية، والأمر مربوط بمراحل كوبلر روس في النهاية. .
- هامش: مسألة المرونة النفسية، أو المتانة النفسية، أو القدرة على احتمال الالم، أو العودة لمواصلة الحياة بعد كل كارثة، واحدة من أهم الحاجات اللي ممكن يتدرب عليها الإنسـان في المطلق.
المراحل هما (إنكار، غضب، مساومة، حزن، قبول)= لا كل الناس بتمر بالخمسة، ولا كل الناس بتعدي للأخيرة، ولا كل الناس بتفضل فيهم، ولا كل الناس بتقعد فيهم مدد متساوية، كل واحد وحاله. . والموفق يارب!
كل الإدمانات مرتبطة بالإنكار، وسيلة خلقها الإله للإنسـان علشان يحتمل الحياة، تخيُل حياة الإنسـان من غير الوسائل الدفاعية اللاشعورية مرعب! مصير الأطفال الصغيرين الغير قادرين على التعامل مع الحياة بفقدان اللاشعور مرعب! الحمد لله الذي خلق الإنسـان قادرًا على التأقلم، وإن صاحب ذلك حقارة في الإفراط والتفريط!
إعتداء جنسي على الأطفال! كيف يمكن احتمال الحياة بغير الإنكار؟! الإدمان يحاول بث الحياة وقتل الصدمة!
موقف واحد لاحق! قد يفجر كل شيء. .
أصدقاء الرحلة: (الرحلة رحلة استعادة الذاكرة) (عندما تتعامل مع إنسـان فأنت لا تتعامل معه)
في البداية ومع الصدمة ومحاولات التماسك! قد يكون القبول إنكارًا! إنكارًا لشيء لا تستطيع قبوله! على الإنسـان أن يخرج مشاعره! لا بديل عن البوح! للأسف. .
أزمة الغضب، أن الإنسـان قد يوجهه لشخص آخر، أو يكبته في نفسه، فيصاب بكل شيء، من الصداع حتى السرطان. .
العلاقة بين الغضب والخوف دائرية. . أغلب الغضب ناشئ من الخوف، وعندما يكبت الغضب يؤدي للإصابة بالقلق، ونوبات الهلع غير المفسرة. .
المساومة والتفكير السحري وأزمة الطفولة . . لن تعطيك المساومة ما تريد.
أوصيك. . أوصيك بالحزن! لا مفر! طوبى للحزانى، لإنهم يتعزون. .
هذا المسار الطبيعي للقبول، الذي لا يعني الموافقة، إنما هو إقرار بما حدث، رغم كل شيء.
لماذا نتكلم؟ نتكلم عن الأشياء حتى نستطيع تجاوزها، حتى نخرج هذه النار من قلوبنا وصدورنا، ننفث اللهب حتى نصير أفضل. . لا نكتم الأشياء فتهلكنا، لابد من فتح الجرح حتى تصير أفضل.
أزمة التنفيس؟ أزمته أنه يحتاج علاقة! علاقة شافية! يستطيع الإنسـان قول كل شيء فيها بلا حرج، مساحة (آمنة) فيها قدر من الأمان والسرية، مشجعة، منفتحة، تستطيع أن ترى من خلالها، بلا أحكام ومحاسبة. .
الأصل؟ الأصل أن الإنسـان لو قتل مائة نفس، فله توبة، رغم كل شيء، وأيًا ما كان الحاصل! دخل الرجل القاتل (الجيد!) الجنة! لأنه أراد التوبة بعد قتل ال100 نفس! رحلة طويلة جدًا، قضاها كلها تقريبًا في عصيان الله! ودخل بها كلها الجنة! وكأن تلال سيئاته صارت حسنات. . !
الطفل المقهور من الجميع بالداخل، المقهور حتى من الشخص نفسه، والمسيطر عليه بالعقل، يجب عليه أن يخرج، ويقول كل ما يريده، ليهدأ. . .
طبعًا وقطعًا، لا نصائح، ولا أحكام في الحديث مع الشخص الذي ينوح. . ، كما يقول أيوب: "للمبتلي هوان في أفكار المطمئن!" - يعني أنت شايف الأمر بشكل تاني علشان مش حاسس بالألم اللي التاني حاسس بيه.. وربما ده بيوضح ليه كل إنسـان شاطر في نصح غيره، موكوس في نصح نفسه.
في النهاية، الألم حتمي، لا يمكنك التخلص منه، والجنة هناك! قائمة! الآن في انتظار الناس الذين أعدت قوائمهم قبل أن يخلقوا، سلم أمرك لله، لا مفر من المحاولة، ومن التماس أمر الله، والموفق من وفقه الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. .