مريم بنت غير شرعية،كأمها،ضحية جرم آثم دفعت إليه غريزةٌ بهيمية في الرّجُل،وحبٌ ساذج في المرأة. ومعروف أنّ الآباء يأكلون الحصرم، والأبناء يضرسون. ولأنّ ليس بمقدور الإنسان أنْ ينشأ وحيدًا دون حضن يرعاه، ومرشد يرشده، ودليل يهديه، وزاجر ينهره، وقلب يحبه، فقد كابدت مريم الويلات والمآسي، واحتملت ما لا قدرة للجبال على حمله، وجعلت تستفرس تارة متحدّية واقعها، مندفعة بعزم وطموح تصارع الحياة لتجد فيها مكانًا ترتع فيه بسلام، وتارة أخرى تخرّ صريعة ضربات الدهر وغدر البشر.
لكن مريم لم تكن وحيدة تمامًا في معركة الحياة، فقد أوكلتها أمها قبيل وفاتها إلى القس جبرائيل وتركتها أمانة في عنقه، حملها الراهب - لأسباب خاصة به - مكسورًا يكفر بها عن ذنوبه.
وكما لكل شيء في الحياة نقيضه، فالشر نقيض الخير، والبغض نقيض الحب، والحزن نقيض الفرح... فالخطيئة نقيض التطهر والنقاء.
ابتدأت الرواية بالخطيىة وانتهت بالتوبة والغفران والتطهر من الذنوب .
وما أعظم ما فيها من واقعية وإن بدت غير مقبولة للبعض، لا سيما في تبيان عيوب الرهبان والراهبات وعلية القوم، وما أكثر الدروس و العِبر فيها .