"ديجافو" كلمة فرنسية تعنى
شوهدمن قبل وديجافو هو
الشعور الذى يصيب الفرد يشعر
يقينا أنه رأى أوعاش الموقف
الحاضر من قبل .
البعض أرجعها إلى اضطرابات
نفسية والبعض أرجعها إلى
تأثير الأدوية والبعض فسرها
تفسيرات على أنها خلل ما
فى الذاكرة .
هذا عن التعريف العلمى
لتلك الحالة العجيبة .
أما عن توظيفها فى رواية
"ديجافو" للأديبة المبدعة
"سلام عيدة" جاء بتصور آخر
وفكرفلسفى معقد ومتشابك
وبرؤية تأملية أعمق من أى
تعريف أوتفسير لهذه الحالة
إستمدت الرواية أحداثها من
أسئلة طالما أرقت الفكر البشرى
مثل هل الأنسان مسير أم مخير
فكرة أنه لوعاد بنا الزمن
سنرتكب الأخطاء ذاتها لأنها
جزء لايتجزأ من مكونات حياتنا
البشرية .
انقسمت الرواية إلى ثلاث فصول
الفصل الأول جاء تحت عنوان
"القديسة" تقع أحداثه فى حياه
سابقة على كوكب موازى
يحمل إسم "فينوس" وتحديدا
فى منطقة منه تسمى "عشتار"
يحكى عن رجل راهب ترك
قريته هربا من أذى إمرأة
أخذت تطارده وتستعبده
وتستغله جسديا وجنسيا
فذهب الى قرية أخرى لايعرفه
فيها أحد وبسبب لباس الراهب
الذى كان يرتديه رآه الناس رجلا
صالحا ومباركا وتوسموا فيه
بركة الشفاء من أمراضهم
وهناك تعرف إلى أسرة فتاه
تقية من فرط نقاءها أطلق
عليها القديسة تنتمى لأسرة
من أب مريض طريح الفراش
وأم تسعى على رزقهم وأخ
لايبالى وغيرمتحمل للمسؤولية
متفرغ فقط للهومع صديقه
مال قلب الراهب الى الفتاه
لكن دوما ماكان يخالج شعورة
الشك والتردد جراء ماعاناه
من التى هرب من أذاها
إلى أن تقع تلك الفتاه ضحية
لحادث دنىء عندما تتعرض
للاغتصاب على يد صديق
أخوها اللعوب والذى ظل
يطاردها حتى سنحت له
فرصة الأعتداء عليها وعندما
عادت الى البيت ذبحت على
يد أخيها بمشاركة أمها ويشعر
الراهب بالألم وتأنيب الضمير
لأنه لم يستطيع الدفاع عنها
والوقوف بجانبها فى محنتها
ثم تنتقل الأحداث الى الفصل
الثانى من الرواية بعنوان
"خطة الرب" وفيه تصور روائى
ملحمى ليوم الحساب عندما
يقف فيه بين يدى الله جميع
خلقه فى الحياه السابقة ليحاسبهم
على ماقترفوه وليجزى كل
نفس بماعملت من بينهم
الفتاه القديسة وأمها وأخوها
والشقى الذى اغتصبهاوالراهب
وبرحمته يعطى لهم فرصة
التواجدفى حياه أخرى حتى
يشهدوا لأنفسهم أوعليها
وحتى يعلموا إن كانت خطاياهم
نتاج ظروف قاهرة كما ادعوا
أم أن أخطائهم كانت ضمن
مكونات حياتهم ثم الفصل
الثالث والأخير وفيه تدور الأحداث
فى 3أكوان موازية لنرى ماذا
ستفعل تلك الأرواح بفرصة
رجوعهم لحياة أخرى هل
استحقت فعلاأن توهب تلك الحياه
أم أن ديجافو توابع حياتهم
السابقة ستلاحقهم أينما ذهبوا
فضلاعن أن هذا الفصل تناول
القيمة الكبرى من وراء السورة
القرآنية العظيمة عن النبى يوسف
فلقصة هذا النبى الكريم جوانب
أهم وقيمة أعمق من الدروس
والعبر التى نعلمها جميعا ومن
أحسن التدبر والتأمل فيها
لأدى به إلى فهم أعمق للكون
والوجود ولأسرار الحياه
*عن تكنيك الكتابة
والأسلوب الأدبى.....
صدقا منذ أن قرات للكاتبة
روايتها الأولى "الأستثناء الجميل"
وأنا أعلم أنى أمام أديبة
لايستهان بها وانتظرت بشغف
صدور روايتها الثانية ديجافو
ولم يخب ظنى والذى برهنت
به على أنها أديبة من العيار
الثقيل وحباها الله بخيال خصب
(فيرجن ) تحسن توظيفه جيدا
وتمتلك أدواتها الأبداعية والفكرية
بقبضه من حديد وبرغم عمق
وصعوبة الرؤى التى تطرحها
إلاإنها تتميز بأسلوب أدبى
جميل فى السرد تستطيع من
خلاله تمرير كل ماتريده إلى
عقل القارى فى سهولة ويسر
تمتلك جرأة متناهية فى طرح
فلسفاتها الصادمة دون خوف
حتى وإن اختلفت معها لاتجد
نفسك كقارىء سوى أن تحترم
قلمها تشعر وكأنها تقتحم ذاتك
لتأخذك إلى براح خيالهاالجنونى
بلاحدود وكأنها تناشد فينا
(خدوا خيالى شوفوا بيه)
تشعرفى سردها الروائى
وكأنها تتبادل النقاش مع
فكروعقل القارىء بصوت عالى
أيضا على ذكرالجرأة سايقا
أود الأشادة بدارنشرإبداع التى
تصدت لنشر هذا العمل الرائع
وأكاد أجزم أن هذا العمل لو
عرض على دورنشرعديدة
لاصطدم بعوائق كثيرة
لكن دارإبداع تمتلك فكرجرىء وسعة أفق
ووعى بكل ماهومختلف
أخيرا وليس آخرا "ديجافو"
رواية مبهرة ومن أقوى الأعمال
التى قرأتها هذا العام تحمل بين
طياتها مقومات قارئها الخاصة
فهى موجهة الى قارىء ذوعقل
تواق للتأمل والحكمة والمعرفة
يحترم جنون وجنوح الخيال
أحيانا فالرواية دعوة مفتوحة
للتفكر والأجتهاد فى فهم
أسرار الحياه والوجود
إنها الأديبة الفلسطينية سلام عيدة
والتى وصفها الكاتب الجميل
محمدعبدالرازق بزهرة
فلسطين الندية سلمت يداها
وأدام الله لنا إبداعها