"في الجبهة يولد الإنسان الجديد، يولد بين اللهب وأمام رصاص البنادق الآلية، وشظايا الدانات والمدافع، وتحت طائرات العدو المغيرة. هنا يجب على الإنسان أن يتخذ موقفاً واضحاً محدداً، إما أن يخاف ويجبن، وإما أن يقف في شموخ." - مذكرات جندي مصري في جبهة قناة السويس لأحمد حجي 🇪🇬
قبل حتى إبداء الرأي بخصوص هذا العمل أدبياً، أعتقد أننا "إنسانياً" بحاجة للمزيد من مثل هذه المذكرات والشهادات التي تؤرخ لفصول لا نعرفها حق المعرفة وبطولات لم تحظ بالتقدير اللائق، وبخاصة خلال حرب الاستنزاف.
أدبياً، العمل متواضع، وتظل القيمة الحقيقية هي تجشم حجي عناء الكتابة عن تجربته على خط النار، بما في ذلك من معاناة واستحضار لمشاهد موجعة. إنسانياً، العمل هائل بكل المقاييس، إذ يقدم لنا قبسات عن جوهر المصري الأصيل، ويجيب بين السطور على سؤال أرهق الكثيرين: كيف يمكن لأُمّة منهزمة أن تدحر عدواً يفوقها عتاداً وإعداداً ويحظى بدعم مباشر من أكبر قوة عسكرية في العالم؟ تتبدى ملامح الإجابة في قصص حجي عن عناد الفلاحين والعقيدة القتالية لدى الجنود ومشاعر الفداء وحب الوطن وقيمة الأرض والعرض لدى المرابطين في الجبهة.
وفق حجي في تصوير النقيضين: اللحظات البالغة الرّقّة والمعبرة عن المصريين مثل تدفق خطابات الطلبة إلى المقاتلين على الجبهة لمآزرتهم، والمواقف شديدة الوطأة، كتلك التي يصف فيها كيف قام أحد جنود المدفعية بإسقاط طائرة للعدو موجهاً المدفع بقدميه بعض أن بتر القصف إحدى ذراعيه وأصيبت الأخرى إصابة بالغة.
رحم الله أحمد حجي.
#Camel_bookreviews