اسم الرواية "بخور عدني" الاسم جذاب .. جميل ، كان دعوة مغرية لشراء الرواية وقراءتها، لا أعلم ما مدلول الاسم بالضبط؟ هل كان يقصد الرائحة الجميلة التي تجذب الجميع على اختلاف مشاربهم؟ توحدهم رغم الاختلاف؟
اختزل الرائحة الجميلة هنا في البخور العدني المعروف، والذي أعجب به ميشيل الفرنسي فور قدومه لعدن حينما قامت ماما بتبخيره ، مع أنه من المعروف ألا يتبخر الرجال بالبخور المعمول إنما بالعود!!
لغة الكاتب جيدة، هناك تشبيهات جميلة كوصفه لعدن على لسان ميشيل .
أحداث الرواية تدور على مايزيد عن عشرين عاما ، بالتحديد من عام ١٩٤٤ حتى ١٩٦٧ سنة الاستقلال، مرَّ الكاتب من خلال ميشيل الفرنسي على الحياة والعلاقات بين الناس من مختلف الأديان و العرقيات ، لكنه اختار فئة معينة.. جزءا من أجزاء وكأن الرواية تدور حول كل هؤلاء الذين اتخذوا عدن موطنا لهم لا عن أهل عدن الأصليين، ثم عرّج على وجود اليهود و حياتهم بسلام في عدن حتى خرج الناس في مظاهرات ليحرقوا ويهدموا كل ماهو خاص بهم مما دفعهم للهجرة ، هناك بعض النقاشات الدائرة عن الوطن .. عدن.. الاستعمار.. الترحيب بالملكة التي استعمرت بلدها أرضهم .. ثم الانحناءة الأخيرة الاستقلال وما حدث بعده من تغير في الناس .. تغير لأهداف الثورة ومعناها .. أصبح الكل عدوا للآخر إن لم يخنع لإرادة الجبهة (التي بيدها الحكم بعد الاستقلال) ، الرواية حيّة وغنية بالكثير لكن ٣٣٥ صفحة لم تُعطِ الأربع وعشرين عاما حقها ، أو ربما كانت لتفعل لولا التمدد الزائد عن الحد في بعض الأحداث كفصل "حلم الملكة" وهو الثالث في الرواية ، والتقلص في أجزاء أخرى .
كانت الرواية على لسان ميشيل الفرنسي الهارب إلى الحياة تاركا خلفه كل شيء ، لينعم بالسلام والهدوء في بلد عُرِف أنه يقبل و يتقبل الجميع ، فكانت كل الشخصيات تمرّ للقارئ من خلال عيني ميشيل و مشاعره ، حقيقة -كقارئة- لم أستطع التعاطف أو الشعور بالحميمية تجاه أي شخصية في الرواية ، لا أعلم لماذا هل السبب كثرة الشخصيات أم عدم قدرة الكاتب على إعطاء كل شخصية حقها ، أم لأني لم أقرأ الرواية في مدة قصيرة بسبب بعض الانشغالات؟ لا أعلم .
لا أعلم كيف أراد الكاتب أن تظهر عدن في تلك الفترة للقارئ؟ هل أراد أن يعطي صورة جميلة؟ برأيي فشل في ذلك، أم صورة سيئة ؟ ليس تماما .. فقد أعطى صورة جميلة أحيانا وسيئة جدا في أحيان أخرى ، إذن هل أراد أن يصوّر الواقع كما هو وينقله للقارئ.. أرى ذلك غاية في الصعوبة ولا أدري هل وُفِّق أم لا .. ولا أظنه!