عملية تدوين سيرة ذاتية ربما تكون من أصعب الكتابات .. عملية نشر محرجة .. ماذا لو كان عنوان السيرة " أشياء كنت ساكتة عنها"
ما كتبته آذر هنا كانت عاجزة أن تصارح أو تواجه به أي أحد.. كتبت آذر ما يتعلق بحياتها الشخصية والعائلية وبعض الجوانب السياسية في المجتمع الإيراني
ولو نظرنا للسيرة ككل فمن الممكن أن نكون فكرة أن سيرة آذر رغم احتواءها لأكثر من جانب إلا أنها كانت تتدور وتتلخص في والدتها التي وصفتها بأنها امراءة قاسية وباردة ..
من خلال العلاقة التي نقلتها آذر عن أسرتها كان يمكن استخلاص بعض العبر .. فيما يتعلق بوالدتها التي تعيش في أحلامها وتبدو متنكرة دائما من الحاضر حيث انتهت حياتها في الماضي ولم يعد هناك شيء لتفخر به .. وكذلك بالنسبة لوالدها السيد أحمد نفيسي الذي كان ضحية أوهام زوجته وتعاليها والذي كان دائما ما يحلم بأسرة مستقرة ومحبة .. تظهر آذر بين أمها وأبيها طفلة تفوقت على عمرها وكان واجبا عليها أن تداري الطرفين .. ويبدو أن الأبناء دائما هم ضحية خيبات الآباء ..!
في الجانب السياسي الذي ذكرته آذر في يومياتها يبدو المشهد قاتما .. كانت صورة إيران في ذهني دائما ضبابية وقاتمة .. وبعد أن قرأت سيرة آذر بدت أشد قتامةً .. إيران التي فرضت في وقت من الأوقات على رعايها التمظهر الديني فأعطى هذا نتيجة عكسية .. على المستوى الاجتماعي وعلى المستوى الأخلاقي حيث أسهم هذا في نشر الإباحية الخفية بين من يدعون التدين خاصة وعمل على جعل المجتمع غير آمن ويبدو أن هذا مرتبط دائما بالمجتمعات التي تجبر رعايها على التمظهر الديني !!
وربما لنفس هذا السبب أظهرت آذر وفئة غير قليلة من مثقفي إيران ميلهم إلى الاعتزاز بفترة الحكم الزاردشتي لإيران ما قبل الفتح الإسلامي حيث كانوا يعبدون الشاه ويسجدون للنار !! على حين أظهروا تنكرا لما أحدثه الفتح الإسلامي لبلاد فارس حيث اشتهرت إيران بالنتاج العلمي الهائل ..!
أما بالنسبة لإسلوب الكتابة السردي فقد كان موفقا وساعدت الترجمة السلسة والمقنعة على إحداث متعة في القراءة ..
وأخيرا قراءة السير الذاتية يدفعنا لنتأمل أكثر بتفاصيل حياتنا وتفاصيل الأشخاص الذين يشاركوننا هذه الحياة