أيامنا المنسية - ياسر ثابت
تحميل الكتاب
شارك Facebook Twitter Link

أيامنا المنسية

تأليف (تأليف)

نبذة عن الرواية

من بعيد، وبين فتحات الطرقات، لمحنا رجال أمن خارجين من الطرقات المتعرجة بخوذاتهم وملابسهم الواقية يصطفون صفاً خلف صف ليواجهوا المحتجين. يتقدمون ببطء، شاحبي الوجوه، كما لو أنهم روبوتات لا تمتلك من أمرها شيئاً، يواصلون التقدم، آملين في اكتشاف الهاوية. منذ 26 ووتيرة العنف تتصاعد، والاصابات في صفوف الثوار تزداد كمّاً وكيفاً، لم يعد الأمر جرح سطحي يسهل تطهيره أو كدمة تحتاج كمّادات ثلج. أصبح هناك جرحى بحاجة الى طبيبة متخصصة. تكرر الوضع نفسه في اليوم التالي، لكننا صمدنا. كنا نعرف أن اليوم، 28 يناير، قد يكون حاسماً وأن غباء الأمن وعنفه سيظهران في أبشع صورهما. كل يوم اضافي من الانتظار، يقضم جزءاً من كعكة الأمل.. لكن ليس في أيام الثورة . ها أنذا أقف وسط أصدقائي، ووائل ونور الدين وباسم وسمير، يملك وائل فضولاً عصبياً جاداً. يغرس قدمه في الكون باستخفاف. ضحكته سطر طويل بلا نقطة. وحين أحدق في وجهه المتعرق يقول لي: أنا أتظاهر وضميري مرتاح أننا على الحق. يعيد رمي قنابل الغاز على قوات مكافحة الشغب، وهو يقول: هذه لكم ولأسيادكم المصابين بلوثة الكرسي. لن نكون رهائن لكم بعد اليوم لا تحاربوا شعباً فارق الخوف قلبه، هذه معركة خاسرة. كان أول من أصيب منا. بدا متماسكاً الى حد كبير حين نقلناه بعد أن أصيب الخرطوش الى مستشفى ميداني في طور التكوين. ابتسم وهو يعطيني كمامة الأمن الصناعي التي كان يضعها، قائلاً: خذها... سوف تحتاجها. لم يكن كل المصابين في مثل ثباته. حين يصاب المرء برصاص أو خرطوش، يتعرف على جسده بطريقة عنيفة ويتأثر بعضهم نفسياً حين يدرك فجأة كم هو ضعيف وهش وقابل للإصابة، بل والموت... هذه المعرفة مربكة للغاية، حتى أن هناك من يشعر بتعرضه للخديعة، لأنه أحداُ لم يقل له كيف يكون طعم الألم في تلك الحالة. رأيت جرحى يجلسون على الأرض مرتبكين وهم يبكون متحدثين عن اصابتهم، بدلاً من التفكير في طلب المساعدة لنقلهم الى أقرب مستشفى أو طبيب. كنت طوال هذا الوقت أستمر بأن هذا لا يحدث لي بل يحدث لغيري، يشدّ نور الدين من أزري بكلماته الموحية السلامة في المواجهة، والجبان يموت ألف مرة. شعبنا الأبيّ ينفض عن نفسه الآن كل أسباب الخمول والخمود والركوع والخضوع. يحفر الخوف خنادق في الروح، لكننا نحمل خوفنا وجنوننا ونمضي في طريق استكمال الثورة. نثور بسواعدنا وحناجرنا وعصافير عيوننا، لترتق هذا الخرق في ثوب الوطن. هناك آلاف وربما ملايين لم تنتظر في بيوتها لحظة أخرى حتى لا تشعر بالخيانة تجاه الوطن. علم الثورة واحد وأعلامهم شتى نخلع أمامنا ونبضنا مع قنابل الغاز. لا سبيل أمامنا الا هذا الخلاص. ينقضون علينا بشراسة، هذا هو التعبير الدقيق الذي يجسد الفعل الخاطف، والمركز والعنيف لهجومهم لم يكن بوسعنا الا الصمود، أو تلتقطنا الطيور الهاربة من الغاز المسيل للدموع. نصمد، ونقاوم، فالنيران التي تلتهم الماء لا تبعثرها الرهبة، سقط البعض، وهرب فريق آخر، لكن غالبيتنا تصدوا لانقضاض الحدأة على فريستها". اذا كان الثوري نظيفاً فلماذا تتسخ الثورة" عبارة تستوقف الباحث في خضم براكين الثورات التي شهدتها العديد من الدول العربية والعبارة يطرحها الكاتب والتي كان قد اقتبسها من قصيدة للشاعر أحمد مطر "ديوان المسائل" ليدل عن مدى معاناة المواطن المصري في ثورته. فالسياسة "تسونامي" يضرب البيوت المصرية.. وماذا عن الدم الذي أهدر في سبيل هذه الثورة.. ثورة الشعب المصري لاستعادة حريته وإنسانيته.. ربما لم يكن كثيرون يتوقعون أن تواجه عبارة نبيلة مثل "الدم كله حرام" بسخرية واستهزاء. يسأل المصريون عن الكثير من المبادئ الأخلاقية التي كانت تبدو حتى وقت قريب من المسلمات.. لم تعد حرمة الدم في مصر مرتبطة بكرامة الانسان وحقه في الحياة بل صارت رهن موقفه السياسي.. والمواطن المحبط يبحث وفي أعقاب ثورته في سلة مهملات الكون عن مخرج من هذا الخضم الذي يغرق فيه الجميع..
عن الطبعة

تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد

تحميل الكتاب
5 1 تقييم
30 مشاركة
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم

  • مراجعات رواية أيامنا المنسية

    1
المؤلف
كل المؤلفون