المتابع لسارامجو عبر رحلته الطويلة يستطيع ان يتبين نمطا معين له و خاصة صنفين من الحبكات يستخدمها البرتغالى العبقرى :
الاولى ان يعمل مخيلته فى انشاء مدينته الخاصة عادة مدينة متوسطة الحجم هادئة و تتبع قواعد المنطق الى ان يقرر سارامجو ان ينزل عليها لعنة ما على رؤوس الجميع لا تميز صغير من كبير ولا فقير و غنى ليرجع الجميع الى اصولهم المشتركة كبشر و ليسوا اكثر ..... تتنوع تلك المصائب حسب خيال البرتغالى المجنون النابض بالحياة فحينا اضراب للموت و استمرار ابدى فى الحياة ك انقطاعات الموت ، شبه جزيرة تتحرك فى البحار بلا قيد ك الطوف الحجرى ، وباء يبيض العيون بلا مبرر ك العمى ، انتخابات غريبة تهز اسس الديموقراطية الحديثة ك البصيرة
الثانية ، هو ان يختار سارامجو شخص عادى ، نمطى بل و ربما ممل ...يعيش فى انصاف العمر يعمل عمل روتينى تقليدى لتتدخل مخيلة المؤلف و تلحق "ازمات نفسية" للبطل المسكين تحطم سلامه النفسى الهش و تكسر حياته الرتيبة التى اعتاد عليها و احبها و على رأس القائمة روايتى كل الاسماء و الاخر مثلى
**********
هل يسهل سارامجو مهمة القارئ؟ الاجابة دون دبلوماسية هى بالتاكيد لا، بل انى اكاد اجزم ان نسبة من انهى الرواية بالفعل لا تساوى الا الربع ، اما ال٣ اشخاص الاخريين من اصل ٤ فيصدهم بطء البداية القاتل و الحبكة المتأخرة فى النص ...لكن ذلك الناجى الرابع سيسعد بتعليقات كاتب متمكن عبقرى و مجنون ، سيسعد بتقلبات القصة الكثيرة و البحث الدقيق فى افكار الانسان التى قد يخجل حتى فى تدوينها
كيف يستخدم سارامجو ما وراء الطبيعة ليكشف ادق اسرار النفس البشرية؟ تماما كهاروكى موركامى الذى يستخدم الخوارق ليصل بها الى الفلسفة البشرية ....كيف استخدم سارامجو حادث ان يتشابة شخصين ليستخلص منها ادب رفيع؟ .،.و الاهم كيف يستخدم المؤلف الميتافيزيقا دون ان ينزلق فى هاوية الابتذال و التحول لفيلم خيال علمى امريكى رخيص؟ ربما هى تلك الاسئلة التى يجب الاجابة عليها لفهم البرتغالى العبقرى
مضى استاذ امام عبد الفتاح امام حياته فى ازاحة ال"عار" عن مفهوم الميتافزيقا و اذا بالادب يزيح الستار فى سهولة
. “الأفكار الميتافيزيقية يمكن لأي رأس أن ينتجها، حتى وإن لم يجد الكلمات المناسبة في أحيان كثيرة” سارامجو - كل الاسماء
***************
صندوق بندورا قد فتح فى السطور الاولى و ما عليك الا ان تتابع خروج كوارث الدنيا منه على رأس بطلنا المسكين ذو الاسم الطويل
فى نهاية سريعة و مبتكرة و بالتاكيد صادمة ينهى سارامجو الرحلة الصعبة