لم أكن أريد لهذه الرواية أن تنتهي ..
ذلك العالم القديم الجميل الذي أتقنت "أسماء الشيخ" في روايتها الأولى .. المكتوبة باحتراف، فلا عجب أن فازت بجائزة محترف كتابة الرواية، ذلك العالم الذي نسجت تفاصيله باقتدار بين عائلتي "الحجًّام" وعائلة والخواجة "ألبرتيني" وبين رقيَّة التي تحلم بالتحرر من عالم والدها المحاط بالمرضى والدماء والأدوية، وتغويها عوالم السينما وتجد فيها أحلامها متجسدة أمامها، وبين "بيتا" التي تحاول استعادة ماضي أمها الذي تفتقده من خلال خطاباتها وحكاياتها لأخيها.. كل ذلك منسوج بعناية مع أجواء إسكندرية الأربعينات الساحرة ..
التفاصيل التي سعت الكاتبة وراءها وبدا جهدها فيها واضحًا سواء في عوالم "الحجَّام" تلك المهنة القديمة التي يبدو أنها توارت اليوم وكيفية عمل الحجام وتفاعل أٍرته معه، جنبًا إلأى جنب مع أصحاب مقهى "سليني" الذين ينقلون صناعة السينما إلى الإسكندرية، والأفلام التي كانت تعرض في ذلك الزمن، وتفاعل بطلات الرواية "بيتا" و"رقية" مع تلك الأفلام، وحرصهم على مشاهدتها ..
كل ذلك جعل الرواية ثريَّة جدًا تمنح القارء فضاءً رحبًا طوال القراءة، لدرجة أني في نهاية الرواية كنت أشعر أني سأجد أن هناك جزءًا ثانيًا ستحكي فيه "أسماء" حكاياتها الشيقة المستمرة مع أبطالها وبطلاتها الذين أتقنت رسم عالمهم وجعلتني أعيش معهم ومع أحلامهم ..
ولكن الرواية للأسف انتهت!
كانت وفاة والد "رقية" لتكون نهاية مأساوية، وكان من الممكن أن ترسم الكاتبة "المحترفة" تلك النهاية الدرامية المؤلمة للبطلة، ولكنها آثرت أن يمر حادث الوفاة ببساطة، وأن تركِّز أكثر مع أحلام بطلتها، وإمكانية تحقيق تلك الأحلام .. فكان أن أقاموا دار السينما الكبيرة الذي كانت تحلم رقية بها، بل وأصبحت هي من يدير بكرة العرض كل مساء، وتلقي تحيتها على حبيبها "نجيب الريحاني" .. صباح الخير يا نجيب :)
..
شكرًا أسماء الشيخ،
وشكرًا محترف نجوى بركات
...
وفي انتظار أعمال أكثر وأجمل .بالتأكيد