لم ترهقنى رواية ف قراءتها مثلما ارهقتنى رواية شوق الدرويش ، ليس لكثرة عدد صفحاتها بل بالعكس تمنيت ان تمتد إلى ما لا نهاية ، ولكن لكثرة أحداثها وتفاصيلها واحزانها وشخصياتها وحيواتهم ، إلى جانب كثرة الاقتباسات الرائعة التى استخلصتها منها لدرجة جعلتنى احتفظ ب 27 اقتباسة وهى سابقة لم تحدث لى من قبل !
لا يمكن اطلاق كلمة راوية ع شوق الدرويش لأن ف هذا ظلم بين لها ، فأقل ما يمكن أن يطلق عليها هى رائعة ادبية فريدة من نوعها تمكن حمور زيادة فيها من تحقيق كل عوامل النجاح بشكل كامل دون أى نقصان .
يتطرق الكاتب هنا إلى فترة من تاريخ السودان لها اهميتها المعروفة وهى ثورة المهدية عام 1844 وما ترتب عليها من احداث وانقلاب للأحوال داخل البلاد ، ولكن لم يكن هذا بأسلوب سياسى بحت ولكن من خلال عرض حياة شخصيات كان لتلك الثورة تأثير كبير فيها .
وبالرغم من كثرة الشخصيات ف شوق الدرويش ولكن لا يمكن اعتبار أن هناك طرف أقوى من الأخر او أن نطلق عليه اسم الشخصية الرئيسية ، فالجميع شخصيات محورية هامة حتى لو قل الحديث عن بعضها داخل الرواية ، بدءا من بخيت منديل وحواء ويونس والحسن الجريفاوى ومارسيليه ويوسف أفندى وإبراهيم الشواك والطاهر جبريل وغيرهم .
أجمل ما ف حمور زيادة هو قدرته ع الانتقال برشاقة لا مثيل لها من حدث لأخر ومن تاريخ لأخر ومن شخصية لأخرى دون الاخلال بالسياق العام أو ارباك القارئ ، بل بالعكس فإنه يعطى للقارئ بعض المقبلات ف البداية حتى يفتح نفسه لما هو قادم !
ف البداية ستشعر عزيزى القارئ بارتباك وبعض التيه ولكن لا تستعجل فبعد مرور 100 صفحة ستجد عالم آخر ف انتظارك ، عالم ستندم ع عدم دخوله ف وقت أبكر من ذلك ، ستجد نفسك مشدوداً بخيط خفى ولا تنتبه إلى عند كلمة النهاية وانسياب الوقت دون أن تدرى !
ف البداية ستجد نفسك ع قدر كبير من عدم الفهم ولكن بمرور الصفحات ستبدأ ملامح كل شئ تضح وترتبط اجزاء الفسيفساء مع بعضها البعض لتكتمل الصورة بعد ذلك .
بالرغم من عدم قراءتى لباقى الأعمال ف قائمة البوكر الطويلة ولكن يمكننى ترشيح هذا العمل وبقوة لنيل تلك الجائزة وإن كنت دائما أرى أن البوكر ليس دليلا ع نجاح الرواية أو بمعنى آخر الجائزة هى من تستحق العمل وهو ما ينطبق ع شوق الدرويش .
ودائما ما أقول أن أصعب ما ف قراءةأى عمل جيد هو لحظة الانتهاء منه والتفكير ف ما سُيقرأ بعد ذلك وهل سيكون ف نفس المستوى أم سيكون ذلك صعب التحقيق
أود أن اشكر صديقى إبراهيم على ترشيحه هذه الرواية لى وبشدة