علينا أن نعترف أن الحكاية ليست نقية،ولا مميزة،فهي تأخذ من الحياة ما يهمها كمادة مقبولة اجتماعيًا وتاريخيًا،ونحتقر البقية،بالتحديد حيث يكمن،ربما التفسير الحقيقي للأحداث والأشياء،والواقع،الحقيقة إنه الأهم من أن نكون روائيين،أن نكون خياليين أوفيالين،رغم أننا نميل إلى الفنتازيا المعقولة بسبب الأصل أو المهنة . ببساطة إذا كنت سريع الملل والضجر من التفاصيل الكثيرة،فأنصحك ألا تقرأ لساراماجو "وبالتحديد " مسيرة الفيل " ، الرجل اعتاد في كل أعماله ألا ينفصل عن ما يكتبه،فيحب أن يتوسع في التفاصيل بشكل متطرف،وهذا ما يراه محبوه ميزة في أدبه،بعكس آخرين لا يحبون هذا النوع من الأدب،وفي الأغلب تنتهي اللقاءات الأولى بساراماجو بتطويح العمل بأقصى ما تستطيعه يدك،لكنك تجد نفسك بعد ذلك مدفوعًا أن تعيد القراءة مجددًا،لكن هذه المرة ستنهي ما شرعت في قراءته،ومع النهاية يبدأ حبك لساراماجو بعموالمه المعقدة وحواراته المتشابكة وتفاصيله المرهقة الممتعة
يتحدث " ساراماجو " عن الفيل الذي أهداه ملك البرتغال إلى ملك النمسا،حادث عابر قد يبدو لك تافهًا،لكن في نظر ساراماجو عاشق التفاصيل فالأمر مختلف،فهو وإن كان قد تحدث عن مسيرة الفيل من البرتغال إلى النمسا،إلا إنه نفى عن الفكرة سطحيتها،وأخذها إلى منطقة أعمق،فالمسيرة التي قطعها الفيل،قد تتشابه إلى حد كبير مع مسيرة الإنسان طوال حياته،فهو دائمًا يعبر من محطة إلى أخرى،وفي طريقه حتمًا وأن يسير في طرق جديدة وملتوية،لكن عليه أن يكمل مسيرته ولا يعبأ بالمعوقات التي تحول بينه وبين الوصول.