بودلير شاعر الضجر والازدواجية
يؤسفني أنني لم أجد ضالتي في ديوان شعره هذه، ولعلي سأشرع بقراءة كتابه "اليوميات"
لقد فقدت هذه الكلمات بريقها عند ترجمتها إلى العربية، بالإضافة إلى أنها أصلاً لم تكن ذاخرة بآراء صاحبها وأفكاره، وإنما كانت عبارة عن تجليات لذاته في صيغة موسيقية.
وهذه بعض من نفحات روحه الضجرة:
نعتقد أننا بالدموع ندفع ثمن أخطائنا
أنا أعرف أن الألم هو الشرف الوحيد
الذي لا ترقى إليه أرض ولا جحيم
ما أسعد من يحلق فوق الوجود
ويفهم دون كبير عناء
لغة الزهور والأشياء الصامتة
شبابي لم يكن سوى زوبعة قاتمة
الميت الفرح:
في أرض خصبة مملوءة بالحلزون
أريد أن أحفر بنفسي حفرة عميقة
أدفن فيها على مهلٍ عظامي البالية
وأنام في النسيان كما ينام الحوت في أعماق البحر
إني أكره الوصايا وأمقت القبور
وأفضل وأنا بعد حي أن أدعو الغربان
لتمتص الدم من أطراف هيكلي القذر
على أن أستجدي دمعة من دموع البشر
أيتها الديدان السوداء
يا رفاقاً لا يرون ولا يسمعون
انظروا إلى هذا الميت الفرح الآتي إليكم بحرية
يا فلاسفة يحبون الحياة ويا أبناء العفونة
أوغلوا في هيكلي دون ندم وقولوا لي
إن كان لا يزال يوجد أيضاً
لهذا الجسد الفاني الخالي من الروح
والميّت بين الأموات
مزيد من العذاب
كثيرة هي ذكرياتي كأني عشت ألف عام
.....
إن ما تخفيه من الأسرار أقل مما يخفيه وجداني الحزين
إنها كهف وهرم واسع يحوي من الجثث
فوق ما تحويه الحفرة الجماعية
أنا مقبرة عافها القمر، يسعى فيها
كما يسعى الندم، دود طويل ينقض دائماً بنهم
على الأعزاء من أمواتي
لا شيء يعادل في الطول، الأيام المتعثرة
عندما يرزح تحت ركام ثقيل من ثلوج السنين
الضجر تلك الثمرة المرة لللامبالاة الكئيبة
ليأخذ أبعاداً تجعله أبدياً
فالدموع تضفي على الوجه السحر
الذي يخلعه النهر على الطبيعة