هذا كتاب المنفلوطي، بل هذه زفراته وأناته ومواجع قلبه، هذا عقله يتحدث كلماتٍ وروحه تتنفس أحرفًا، هذا مخزن قديمٌ به الكثير من الرحمة والإنسانية، منبعٌ متجدد بالفضائل والمكارم، هذا كتاب (النظرات).
.
الكتاب كبير مليئ، كلماته جاوزت الـ 140 ألف كلمة، صفحاته تخطت حاجز الـ 500 من القطع الكبير والخط الصغير، فهو ليس مما يُقرأ في أيام قليلة بل مما يستزاد منه على فترة طويلة، كل يوم رشفة أو رشفتين، فهو قابل للارتشاف المتقطع، لأنه مقالات متناثرة لا يربط بينها رابط إلا أسلوب الكاتب، وما دمنا قد ذكرنا الأسلوب، فلنتحدث عنه قليلاً.
.
يتفنن الكاتب بتزيين مقالاته باللغة المسجعة والتشبيهات الموزعة، ولا أنكر أن أسلوبه قد أثّر في كتابتي وزاد من تمكني، وكذلك تفعل القراءة، واللغة في الكتاب سهلة ممتنعة، يقدمها للقارئ منقادة لكن مطعّمة ببعض الكلمات التي -ربما- اندثرت أو عن حياة الناس، فتتعلم منه بدون معجم، فالكلمة تؤازر أختها، والعبارة توصل المقصود، وأنت ما بين صفحة وصفحة تزيد من حصيلتك اللغوية، وتطور من ذائقتك الأدبية.
.
كتب مصطفى صادق المنفلوطي هذه المقالات على مدى سنوات وكانت تنشر في مجلات، ثم جمعها في هذا الكتاب، وهي متنوعة في المواضيع، وموزعة على مقياس الفائدة، فمنها المقالات الاجتماعية المناسبة لعصر دون عصر، فتلك تستفيد منها قشرًا دون لب، ومنها مقالات عن الحياة والإنسان، عن الأخلاق والرحمة والإحسان، وتلك تلتهما بقشرها ولبها.
.
كما احتوى الكتاب قصصًا قصيرة مترجمة، وأخرى من خيال الكاتب، وهي قصص إنسانية مؤثرة في الغالب، تطرق القلب من باب الرحمة، تنتصر للمرأة والفقير، وترسل الحكمة في بريد الكلمات، وقد كنت أسجل عناوين المقالات والقصص المميزة لأحفظها لي أو لغيري، كي أعود إليها حين أحن إليه، وكي تظفر بها إن ثقل عليك حجم الكتاب.
.
هنالك سمة واضحة في معظم المقالات والقصص، إنها (الحزن) فالقصص حزينة والتشاؤم كثير، تقرأ فيُخيل إليك أن ذلك العصر كان من أسوأ العصور وأن الخير كانت قد ضعف واضمحل، وتزيد هذه السمة في مقالات دون أخرى، وتبلغ ذروتها في مقالة بعنوان (الماضي والحاضر) في صفحة ٥٦٥، وقد صعب عليّ تصديق أنهُ من كتبها، فكأنه فيها قد أعلن موت الفضيلة التي كان يدعو إليها مرارًا وتكرارا، فلم تعد تجدي في هذا العصر (عصرهم) ولا سبيل إلى العيش إلا بخلع القيم والمبادئ، لأن المتمسكون بها يعيشون في عالم الأحلام والأوهام حسب قوله. مالك يا أديبنا الموقر، لعلك خارجٌ من أزمة سبّبها لك أحدهم، أو متأثرٌ بحوادث قام بها بشر.
.
وهنالك مقالة أخرى تعجبت منها وأثارت استغرابي، وهي (الزهرة الذابلة) صفحة 509، فقد أرسل إليه شابٌ فقد سمعه كي يجد عنده العزاء والنصيحة، ويشير إليه بما أوتي من حكمة وتجارب، فلم يزده إلا يأسًا وعجزًا، ولم ينصحه إلا بكثرة البكاء، فأي معزٍ هذا وأي نصيحة هذه.
.
أخيرًا، هذه هي المقالات والقصص المميزة مقرونة بأرقام الصفحات، والكتاب متاح مجانًا من قبل مؤسسة هنداوي للتحميل والقراءة.
.
٣٧ الغد
٣٩ الكأس الاولى
٥٣ الغَنيُّ والفقير
٦١ ايها المحزون
٦٣ الى الدير
٦٧ الرحمة
٨٧ الصدق والكذب
١١٧ الصياد
١٢٧ غرفة الاحزان
١٥١ الزوجتان
١٦٩ لا همجية في الاسلام
١٧٣ البخيل
١٩٣ البائسات
١٩٧ البيان
٢٠٧ أبو الشمقمق
٢٢١ العلماء والجهلاء
٢٣٣ الحياة الذاتية
٢٥٥ اللقيطة
٣٠٩ سحر البيان
٣٦١ الشعر
٣٩١ الضاد
٤٢٥ البعث: يتخيل أن أبو العلاء المعري قد بعث من جديد، وهي مقالة خيالية ممتعة وطويلة.
٤٤٣ الكلمات: وهي أشبه بمنشورات الفيسبوك في عصرنا الحديث، فقرات صغيرة عن مواضيع متفرقة.
٤٥٥ البيان
٤٦١ الناشئ الفقير
٤٦١ قتيلة الجوع
٤٨٩ العظمة
505 الموتى
٥٢٩ الانتقام: قصة مترجمة طويلة مؤثرة
٥٥٧ في أكواخ الفقراء: قصة مترجمة مؤثرة ومؤلمة.
569 الشيخوخة المتمردة
577 الأجواء
583 الأربعون
أرقام الصفحات مطابقة لنسخة مؤسسة هنداوي (متاحة للتحميل مجانًا) وهو كتاب رقمي واحد يحتوي الثلاثة أجزاء.
.