من الواضح أن الدّاعي الأساسي الذي شجّع الكاتب على كتابة هذا الكتاب هو ما رآه من أغلاط وانحرافات وقع فيها كتّاب معاصرون في تحليلهم حياة الرسول على أنها عظمة إنسانية مجردة وعبقرية منه ، وليس السبب نبوته صلّى الله عليه وسلم ، وكانت المعجزة الوحيدة التي جاء بها بإعتقادهم هي القرآن الكريم ...
فألقى الكاتب على عاتقه مهمة تصحيح هذه الانحرافات والمغالطات والرد عليها ...فعمد على إزالة فكرة هذه المدرسة الفكرية التي كان ظاهرها الإصلاح الديني ، وباطنها الإنبهار الفكري بين يدي الغرب .
كتاب فقه السيرة النبوية للشيخ البوطي رحمه الله هو أهم ما يجب أن تحويه كل مكتبة لأن سيرة النبي صلّى الله عليه وسلم هي الجديرة بالتأمل وأخذ الدين منها ، فلا نكتفي بقرائتها والاستماع اليها والطرب لها ، بل هي مذكرة تفسيرية لتطبيق الإسلام وتنفيذ قيمه وتصور مبادئه وأحكامه ، وهي حقيقة الإسلام مجسدة بشخصه صلّى الله عليه وسلم وسيرة حياته . وكان هذا خير كتاب يقوم بمهمة ( تبيان الحكمة من وراء كل موقف وكل قضية ، وبيان الدروس والعبر منها بشكل مفصل .. واستنباط الأحكام الإسلامية من الأحداث التي حصلت مع النبي وأصحابه ) .
ومن أجل ذلك أقول هو ليس كتاب يسرد سيرة النبي بقدر ما هو كتاب يحكي الحكمة من وراء أحداثها ، لأنه لم يقم إلا بذكر الأحداث التي تتعلق بها الأحكام أو ما يترتب عليها من عظة أو درس .
تضمن الكتاب أيضاً موجز لتاريخ الخلفاء الراشدين ، مع محاولة لتوعيه القرّاء بضرورة احترام وإجلال الصحابة ، وعدم إتخاذ خلافهم فيما بينهم ذريعة لنقدهم أو التطاول عليهم لأنهم خيرة خلق الله .. وكفاهم شرفاًً صحبتهم لرسول الله وثناؤه عليهم .