الإنسان بطبعه يحتاج نجمة ما في سمائه.
أطياف
نبذة عن الرواية
التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 1999
- 248 صفحة
- المؤسسة العربية للدراسات والنشر
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
أبلغوني عند توفرهمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Mostafa Farahat
" الأطياف تفتح عيونها ، توقد مصابيحها ، تسري فى المجرى المستتر ، منْ هذا الذي يحكون له حكايتهم ، يملؤونه عزماً فيملؤ أنوفهم بنسيم الحياة .."
هل كانت تدري عندما كتبت أطياف ، كي تروي من خلالها أطياف " شجر " ، أنها بذلك لا تروي لنا أطياف " شجر " وحدها " ، إنما تروي لنا أطيافها هي الأخرى ، هل كانت ترمي من وراء ذلك بعد رحيلها عنّا أن يظل طيفها معنا ، فالحياة أقصد " رضوى " تحمي نفسها في نهاية المطاف ، و كما قالت هي : الشيخوخة هي حياة مهددة بالرحيل ، وهي بهذا تترك لهذا الوجه وحركة الجسم وإيقاع الكلام أن يبقى بعدها ، نراه حولنا كلوحة معلقة على جدار الذكرى الذ يقاوم السقوط .
عندما شرعت فى قراءة الرواية علقت وقلت أن الغيبة بيني وبين رضوى كادت أن تعادل غيبتها عنّا ، فكان لابد من عودة سريعة إليها ، لأن القلب فى حاجة إلى من يزيل عنه صدأ الأيام ، ويعيد ترتيب فوضاه ، والوقوف على عمل من أعمال رضوى من الممكن أن يساهم ولو بشئ بسيط فى ذلك ، خصوصاً لو كانت رضوى هنا تعاني هي الأخرى من فوضوية التنقل بمرونة بين شخصية " شجر " تلك الشخصية ، الذي بدأت به كخيط رفيعاً جداً فى حكايتها ، ثم سرعان ما تشابكت الخيوط ، أقصد خيوط رضوى وشجر ، فروت على لسان شجر حكاية رضوى .
فى " أطياف " ، تعرفت على رضوى جديدة غير الرضوى التى تعرفت عليها قبل ذلك وتحديداً فى " أثقل من رضوى " ، فرضوى الأولى ، تعرفت عليها طفلة صغيرة تحبو بصالة أحد بيوت المنيل ، وفتاة تلعب مع إخوتها على درابزين البيت وسطحه وحديقته ، تعرفت على منبع العبقرية والذكاء اللذين كانتا تلمع بهما عيناها كبيرة ، وجدت أن هذا الذكاء له جذور قديمة جداً تأصلت وتفرعت بداخلها ، حتّى صار شجرةً عملاقة ، تماماً كشجر الشخصية التي تناولتها ، ترى هل يكون هناك ربط ؟ .
وتعرفت عليها طالبة بكلية الآداب ، ورغم ذلك ما زالت تتمتع بعنادها ، فهي رغم تفوقها الشديد كانت ثورية من الدرجة الأولى ، تشارك زملائها مظاهرة او اعتصاماً ، حتّى بعد أن أصبحت أستاذاً بالكلية ما صدها ذلك عن ما كانت تقوم به وهي طالبة ، فكانت تشارك طلابها أي فاعلية يقومن بها ، أذكر منها ما ذكرته فى كتابها " أثقل من رضوى " ، اعتصاماً على سياسة الكلية المتعجرفة ، وتلقت معهم الضربات من الهروات التي كان يحملها البلطجية .
تعرفت على " رضوى " أو " شجر " ، وهي زوجة وأم ، أحببت هذا الجزء جداً ، تعرفت من خلاله سبب هذا الحب الذي يكنه لها " مُريد " ، السبب أنه وجد امرأة تحدت به أهلها والمجتمع ونفسها والظروف وكل شئ ، تعرفت على كم المعاناة التي كانت تعانيها وهي تصدر جوازاً لها وابنها تميم ، الذي سيسافر معها ، وهو لم يزل رضيعاً ذا شهور ، عرفتني أكثر على الجو الأسري التي لم تكن تتمتع به كثيراً ، فزيارتها ل " مريد " كانت قصيرة ، وزيارته ايضاً لها كانت قصيرة ، أحاطتني بهذا الدفء الذي كانت تشعر به مع " مريد " و " تميم " ، عندما يلتم شمل ثلاثتهم ، لتبدأ بين الثلاثة نوبة الشعر ، والتي يكون " تميم " فى العادة هو مفجرها ، كلاهما لا يريد أن يصمت ، تضيق رضوى بهم ، فيقول لها " مريد " مداعبًا :
فمنْ شاء فلينظر إلي فمنظري .. نذيرٌ لمن ظنّ الهوى سهلُ
تضحك فيضحك مريد فيشاركهم تميم ، تحكي لنا عن ومضات من حياة تميم ، وكيف أنه استطاع وهو ابن سنة ونصف أن ينظم الكلام تنظيمًا جيداً ، وكيف دخل عليها مرة حاملاً البندق ويحاول تكسيره بجزمته فكانت إجابته " أن الشئ الصعب لا بد وأن نخرجه هكذا " ، وعن بيضة الحظ التي اشتراها من النمسا أو الدانمارك لا أذكر على وجه التحديد فى إحدى زياراتهم ل " مريد " ، وكيف تحققت نبوئته عندما قال " هل من الممكن أن ترجع لنا بابا " يقصد إلى مصر ، وبالفعل بعدها صدر قرار العفو عنه .
رضوى هنا غير رضوى التي عرفتها فى " أثقل من رضوى " ، رضوى هناك امرأة سبعينية هدها المرض ، حوّل بآلامه تلك المسحة من الجمال إلى شحوب يكسو الوجه ، وتلك الابتسامة الرائقة التي كانت تخرج متحدية كل الظروف إلى ابتسامة منزوية فى جانب الفم ، مترددة بين الخروج او البقاء كما هي داخل النفس فتزدردها وتبتلعها .
كما قالت : لماذا تصون الذاكرة أشياء دون أشياء ، وأنا أصون فى ذاكرتي بعضاً منه أحبّ أن أحتفظ به لنفسي وحسب .