سعادة السفير
كتاب رقم 40 لسنة 2020
اسم الكتاب: سعادة السفير
الكاتب: غازي القصيبي
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
عدد الصفحات: 175 صفحة
مكان الشراء: مكتبة الوقت - البحرين
تاريخ الشراء: 16 يوليو 2020
سعر الشراء:2.400 دينار بحريني
الطبعة: السابعة - 2019
تاريخ بداية القراءة: 1 نوفمبر 2020
تاريخ الانتهاء من القراءة: 3 نوفمبر 2020
التقييم: 5/5
عن الكتاب:
الرواية القصيرة تتحدث عن الرئيس العراقي الراحل/ صدام حسين والذي وصفه بالدكتاتور وسماه في الرواية "همام بوسنين".
وتشرح الرواية كيف كان صدام ديكتاتوريا قاسيا، تتملكه النزعة في الانتقام من كل شيء، سواء كان مقربينه، أو أعداء، في سبيل بقاء كلمته وأسطورته.
بطل الرواية سفير يسمى "يوسف الفلكي"، ويمثل دولة اسمها "الكوت" وهي كناية عن الكويت، أما صدام فقد كان رئيس لدولة "النهروان"، وهي كناية عن العراق.
يوسف الفلكي كان سفيراً سابقا لدى "همام" في دولة النهروان (العراق) وعاش في عاصمتها (سعدباد)،وهي كناية عن بغداد، وخلال عمله كسفير ارتبط بـ"همام" الذي يجسد شخصية صدام، وكانت بينهما علاقةطيبة فرضتها حرب "همام" مع "عجمستان" التي هي "إيران"، وأثناء ذلك تعرف على يوسف الفلكي أثناءحضوره إحدى الولائم على فنانة عراقية اسمها في الرواية "شهرزاد"، وهذه الفنانة كانت جميلة جدا لدرجة أن صدام حسين "همام بوسنين" أخذها من زوجها، وعينه دبلوماسياً في موسكو، وسلبها ابنتها، وتركها في دار رعاية للأطفال تشرف عليها الدولة.
دخل السفير يوسف الفلكي في علاقة غرام خفية مع الفنانة شهرزاد، وأدرك صدام حسين ذلك، فأرسل له شاحنة، سحقت سيارته، لكنه نجا بينما ماتت زوجته في الحادثة.
تم نقل يوسف الفلكي إلى بريطانيا حيث مثل دولته هناك كسفير، لكنه ظل ناقما على "همام الديكتاتور" الذي يجسد صدام حسين، وهناك كان يتواصل مع المعارضة النهروانية (العراقية) لقتل صدام أو الإطاحة به،وبسبب ذلك تعرف على المسؤولين البريطانيين الذين كانوا يرون في "همام – صدام" عدوا لهم، ويجب التخلص منه، وانقطعت أخبار شهرزاد عليه، ولم يعرف إن كانت قد ماتت او ظلت على قيد الحياة.
تمضي الرواية في سرد أدبي شرح الهالة التي وضعها "همام- صدام" لنفسه وصعوبة الوصول إليه لقتله،وفشل محاولة انقلابية لضباط في الجيش العراقي من الانقلاب عليه، كما تسرد أيضا طبيعة عمل السفير في بريطانيا، والطرق والأساليب الدبلوماسية، من اللقاءات الرسمية مع الملكة البريطانية، وأجهزة المخابرات البريطانية، والعلاقة بين الاستخبارات البريطانية بشقيها M16 و M15، واحدة منها تتبع وزارة الداخلية والأخرى تتبع وزارة الخارجية، إضافة الى شوارع لندن وأزقتها ومطاعمها، وهي أماكن ومعالم لا يستطيع التحدث عنها الا من عمل هناك، وسنأتي لذكر هذا لاحقا.
يتأثر يوسف الفلكي السفير بوفاة زوجته، ولذلك عادة ما يكتب لها في الرواية رسائل رمزية يشرح لها حالته في الحياة والظروف الصعبة، والمواقف التي لم يحدثها في حياته، ومن ذلك كيف أن "همام – صدام" عندما عرف أنه على علاقة بالفنانة الجميلة شهرزاد، اجتمع به وخاطبه بأنه ليس من حقه السطو على أملاك غيره، وأن ذلك سيكلفه نفسه ودولته، في إشارة إلى أن "همام – صدام" سيحتل الكويت التي هي دولة الكوت كما جاء اسمها في الرواية.
ورمز القصيبي في الرواية لبعض الدول كدولة الشواطئ العربي وربما هي إشارة إلى "مصر، ودولة الجزر العربية وهي إشارة ربما إلى دولة الإمارات، ودولة الرمال العربية، وهي إشارة ربما للسعودية.
تتوالى الأحداث ويتفق السفير يوسف الفلكي مع ضابط عراقي فر من النظام إلى الدانمارك، على اغتيال"همام – صدام" من خلال اثنين من الضباط المقربين له ويعملون في حراسته، على أن يقوم الضابط العراقي بتأمين حياة عائلة منفذي العملية، وتدفع دولة الكوت "الكويت" مبلغ 500 ألف جنيه إسترليني على دفعات.
بعد موت زوجته لم يتزوج السفير يوسف الفلكي، لكنه انغمس في علاقات مفتوحة مع النساء والعشيقات من كل لون، وكانت تلك هي نقطة ضعفه التي يخشى عليه منها.
فجأة تصله أنباء أن هناك مخطط لاغتياله من قبل "همام- صدام" بسبب اشتراكه في دعم عملية الانقلاب الفاشلة، لكنه لم يعرف كيف سيتم اغتياله، وظل قلبه معلقا بشهرزاد ويحن إليها كلما رأى فتاة عراقية (من بلاد النهروان).
ذات مساء التقى معه مسئول بريطاني على العشاء وأخبره أن شهرزاد موجودة في بريطانيا، وأنها خرجت من بغداد للعلاج في الأردن، ومن هناك تواصلت مع السفارة البريطانية، وطلبت اللجوء إليها،ووافقت بريطانيا على ذلك لتستفيد من المعلومات التي لديها عن "همام – صدام".
إلتقى بها السفير وغرق معها باللذة الحميمية، وكاد أن يتزوجها، وقدم استقالته لبلده كي يتزوجها ويسافر معها، لكن بلده رفضت الاستقالة.
لاحقا يأتي إليه المستشار الخاص لرئيس الوزراء البريطاني، ويبلغه بأن شهرزاد جاءت لقتله، وأن "همام – صدام" يعرف نقطة ضعفه وحبها له، ووعدها إن هي قتلته أن يفرج عن طفلتها وزوجها، وإن لم تفعل فسيقتلهما.
في الليلة الأخيرة للرواية طلب السفير يوسف الفلكي من شهرزاد كأسا من النبيذ، فأعدت الكأس وفتحت صدرية ذهبية على شكل قلب وصبت فيه دقيقا من السم، بينما كان هو يتابع مباراة لفريق رياضي بريطاني، وفجأة انقطعت المباراة وبثت المحطة التلفزيونية خبرا بأن الرئيس "همام- صدام" قتل في عملية اغتيال نفذها اثنان من الضباط العاملين في حمايته، انتفض من مكانه هاتفا بأن الديكتاتور قتل، بينما استقبلت شهرزاد الخبر كالصاعقة، وسقط من يديها الكأس بالسم الذي كان فيه.
انتهت الرواية
في المجمل هي رواية جميلة في سردها، وتنتمي للروايات ذات الطابع السياسي، وتمكن مؤلفها من خلق صورة واضحة لما يسميه الديكتاتور صدام حسين، ورسم له صورة دموية قاتمة، كرجل متسلط وانتقامي ولايفهم سوى لغة القوة والبطش والمكر والخديعة.
لكن من أين جاء غازي بهذا، من المعروف أن القصيبي أديب وشاعر وكاتب يجيد رص الكلمات والتعبير عن الشيء بلغة تعشقها وتؤثر فيك، لكن من يقرأ سيرة القصيبي الفعلية كالوظائف التي تقلدها يدرك تماما مدى التأثير الذي يهمن عليه في كتابة هذه الرواية القصيرة.
عمل القصيبي سفيرا لبلده في البحرين أثناء الحرب الخليجية الثانية عندما غزا صدام حسين الكويت، وفي كتابه "حياة في الإدارة" يكشف عن النشاط الذي كان يقوم به مع أمير البحرين والخلية الدبلوماسية الخليجية التي كانت تدرس المواقف لمواجهة صدام حسين وحشد التأييد الغربي والأمريكي ضده على خلفية الغزو، ويصف تلك الفترة بأنها كانت من اعصف الفترات في حياته.
انتقاله للعمل كسفير للسعودية في لندن أكسبه أن يحشد في روايته ويصور المشهد في لندن، من مختلف تفاصيلها والعلائق التي قام بها مع كثير من المسؤولين البريطانيين والعرب هناك، لذلك من يقرأ الرواية دون أن يعرف مثل هذه المعلومات سيستغرب من الملكة التصويرية التي قدمها القصيبي في الرواية عن بريطانيا والأساليب الدبلوماسية التي اتصف بها السفير يوسف الفلكي بطل الرواية.
ستلحظ بوضوح العلاقة بين الاستنتاجات التي قدمها في الرواية والقناعات التي ساقها مع ما جاء في كتابه "حياة في الإدارة" وسبق أن نزلت ملخصا عنه في الانستقرام والفيس بوك ومنتدى بحرين تودي.
وقد قال القصيبي عن روايته في مقدمتها: للقارئ أن يصدق أن في هذه الرواية الخيالية شيئا من الواقع، إلاأنني أنصحه ألا يصدق أي شيء يسمعه من الدبلوماسيين.
الرواية صدرت طبعتها الأولى في 2003م عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر وهو العام الذي جرى فيه اسقوط العراق بيد أمريكا، وليت القصيبي أدرك ماذا جرى بعد سقوط صدام،والتأثير الذي قاد المنطقة الى الجحيم الذي تعيشه اليوم بعد سقوط بغداد، فعند سقوطها شعر العرب الخليجيين أنهم ثأروا لأنفسهم من صدام واستراحوا من تهديداته فركنوا إلى أنفسهم، وإذا بالعراق تسقط بيد إيران، ويعود التهديد من جديد، ولكن هذه المرة بطريقة مضاعفة، تهديد من إيران التي ترى أن دول الخليج دعمت صدام حسين في حرب الخليج الأولى، وتهديد من بغداد التي يشعر أبناءها أن معاناتهمولدت منذ سقط صدام حسين والمؤامرة التي حيكت ضده.