وثيقة ولادة
تأليف
عقل العويط
(تأليف)
أريد أن أُولد يا أمّي، لكي أصحّح شهادة ميلادي. وها أنا أُولد لتوّي لأني أُولد توّاً. ليس عندي حياةٌ سابقة ولا أعمارٌ سابقة. صرخةٌ كهذه الصرخة تكفي لأُظهِر أن البرهان هو البرهان وأن البرهان لا يكذب. سجِّلوا أني كائنٌ شعريّ، وأني أُولد الآن تحت هذا اليأس الذي يسمّونه طفولة.لستُ روائياً. لستُ أؤرّخ لأن التأريخ خرافة روائية. الوقائع ليست وقائع. الخرافة ليست خرافة. وما يُروى ليس جديراً بأن يُدرَج في رواية. فلكي يروي الراوي، لا بدّ من وقائع تُروى. لكنْ ليس من راوٍ ها هنا، وإن يكن ثمة ما يوهم بالوقائع. لقد وُلدتُ لتوّي، وليس من عمرٍ لي لأن عمري لن يُحسَب بوقت إنما بغريزة الشعر. أنظر من منطقة العدم. أكتب من منطقة العدم. حواسّي هي العدم نفسه. صحيحٌ أني أصرخ، لكن ذلك ليس صراخاً، إنما محض وثيقة. وهي وثيقة ولادة ليس إلاّ. شهادة ميلادي أشهدها الآن، راجياً أن تُدوَّن في سجلاّت الأحوال الشخصية للأدب. للموافقة على صحتها، وترّهاتها، أقول هي نسخة طبق الأصل عن صرخةٍ صَرَخْتُها في الثامنة من صباح السادس من آذار 1952.
حُرِّر في صباح 6 آذار من عام 1952 ثم أعيدت كتابته في أعوام 2008 – 2009 – 2010.