"جزاء الشاعر عمله يا مولاي. ولكن هذا الشاعر، عبد الله وعبدكم، هو من أبناء الأرض، كما أنه من أبناء السماء. هو لذلك يجب الأرض، ويرعى حق ما يُغرس ويُزرع فيها." - غدر الزمان لأمين الريحاني 🇱🇧
لا يحتاج أمين الريحاني إلى تعريف أو توطئة، فهو أحد أنبغ من أهدتهم لبنان للعالم (وما أكثرهم): مثقف موسوعي ومتفرد، وإن لم أتفق مع بعض رؤاه الأيديولوجية التي هي بكل تأكيد وليدة العصر الذي عاش فيه.
وفي هذه المسرحية القصيرة، يعيد الريحاني صياغة قصة شاعر الفُرس الأكبر أبو القاسم الفردوسي، وعلاقته بالسلطان محمود الغزنوي الذي كلفه بكتابة سِير ومآثر الملوك والملاحم والمغازي الخاصة ببلاد فارس وصولاً الفتح الإسلامي وما تلاه، فجاء كتاب الملوك (الشاهنامة) الذي صار أهم ما تركه الفرس من أدب.
يغوص الريحاني إلى معاناة الفردوسي من تقلبات أهواء السلطان ودسائس البلاط وجهاده لتحقيق حلمه باستثمار أجره في إقامة سد ضخم لرفع وطأة الجفاف عن أبناء مدينته طوس. يتخير الريحاني اللغة المناسبة لكل مقام، فلغة السلطان سيادية، ولغة معاونيه مُغرضة، بينما الفردوسي مفرداته مراوغة وشاعرية، كما أن مزاجه متقلب في بحثه عن الإلهام من أجل إكمال مشروعه الأدبي الهائل. ولعل الريحاني قد تمثّل مقولة "كل نبيٌّ في وطنه مُهان" في طرحه لقصة الفردوسي، إذ لا ينصفه الزمان سوى عقب وفاته.
#Camel_bookreviews