"نقرات الظباء.......زماننا وزمن غيرنا"
❞ وبدت نقرات الظباء جلية تكشف عن آثار ظبية في صحراء شاسعة، استعاذوا بالله من نحس الطالع وقالوا إنها نذير فراق ❝
بادئ ذي بدء وجدت رابطا قويا بين حركة النجوم وكوكباتها وعلاماتها "كالشعرى ونقرات الظباء" وبين حياة شخوص الرواية، تحاول التماس مع شعورهم حين مرورها أو بمعنى آخر دليلا لأنفسهم التائهة كما كانت لدروبهم، والمثال هنا فضلا عن الاقتباس الذي يوضح التيه بين القديم والجديد كما سنذكر لاحقا، فهي ترافق وتتوائم مع رائيها كما في شخصية هند ووليدتها وإنشراح أو ربما يصنعها الرائي كعلة لحدث مباغت حدث أو سيحدث.
-همام والمماليك "صراع طويل متوازن"
- بالنظر قليلا نرى أن الصراع بين شرف النسب والأمجاد السالفة والقوة ومراعاة الزمن لهو متكرر منذ الأزل، ولكن الصراع بين شيخ العرب الأمير همام بن يوسف الهواري وجند علي بك الكبير هو الأقرب للرواية، حيث يتشابه التغير من مرحلة السطوة والقوة من الجد الشافعي ومنازع للملوم باشا الباسل إلى مرحلة الضعف والتفتت من متغيرات وانتقال التميز من النسب للعامة أيا كانت صفتهم، بالتغير الحادث من أمجاد شيخ العرب في الصعيد إلى أطلال حازها المماليك آخر الأمر، والتشابه كذلك في الذكرى والحكايات وبالأهازيج وحتى الأبنية حسب قول مهرة "لم يتبق لنا سوى الصور" فهي تمثل سلا.ح قوي يوازن ولو شيئا بسيطا أمام عنصر القوة ليكون لسان حاله "إن ذبل الورد ريحته فيه" ولكن لحامل الحكايات وساردها نصيبه من التشتت بين القديم والجديد وقد صنع ذلك بشكل مبهر في شخصيتي "الشافعي وأبو شريك العيادي"
-واقع يهوى التركيب
بالتوازن بين رواية وراء الفردوس للأستاذة منصورة عز الدين وتلك الرواية نجد صورة للواقع في فترة ما بعد ثورة يوليو ١٩٥٢، وبينهما مقارنة لطيفة بين عنصري المجتمع وقتها "الفلاحين والباشوات" أو أصحاب النسب والماضي ومن حاز القوة وفقا للمستجدات، وبين الروايتين كذلك نجد الحدث الواحد كقانون الإصلاح الزراعي تختلف أحداثه وإيقاعه كنقطة صعود أو هبوط باختلاف تشكل الشخصية، فتكون الروايتين شاهدة على واقع يحب التمازج وإعادة التشكيل من طرف غالب لمغلوب والعكس "وهذه ميزة الرواية التاريخية عموما" فضلا عن وجود قاسما مشتركا بين شخصيات الروايتين كشخصية مهرة وشخصية سلمى مع ذكرياتهما المجمعة في صندوق، وشخصية الأب ورشيد في الطموح واللعب بالأماني ثم النهاية المأساوية كوردة ذابلة
-أرواح تائهة "تناسخ أم تشابه؟"
قد نجد في التراث المحكي على لسان "مزينة" عن سبب تسمية خان يونس "مدينة معروفة في قطاع غز.ة" وتشكيلها لخان يونس "أي غدر به" مختلفا عن سبب التسمية بين يونس باشا الذي عارض سليم الأول وكان مصيره القت.ل في نفس الموضع، أو الأمير المملوكي يونس الداودار الذي أسس خانا "سوق" في المدينة، والقصد من ذلك إذا قارناه بنظرة الأب للصقر السنقاري المتخبط الذي يشبه زوجته "سهلة"، أو نظرة "بيير" عن وجوده في الصحراء، لهو جزء يعبر انتزاع التسمية بقدر حلول الروح فيها والذاكرة وايضا تماهي الروح بما تحمله للرائي أو كما ذكر في رواية نزيف الحجر للكاتب إبراهيم الكوني عن تناسخ الأرواح ونظرتها عن الحلول والاتحاد.
- ربما تتفق الرواية مع نفس الفكرة، لكنها صاغت وصف الحالة وتمازجها مع بيئتها في شخصية هند المسكينة بشكل بارع
-- لم يعجبني في الرواية بعض الإسهاب في الحديث عن الرحلات وبعض الأوصاف، فضلا عن تشتت الراوي بين العليم والمتكلم وتشتت الشخصيات في أحيان أخرى، ربما تكون وصفا للمزيج التائه بين الذاكرة والحاضر، لكنه يعد تفضيلا شخصيا، فضلا عن إعجابي بالرواية بوصف حال شخصياتها وضبطه مع الأحداث الواقعة حينها