مؤلم جدًا أن تكون في قمة استمتاعك الموجع بإبداع ما ثم يأتيك آت ليخبرك أن مايمتعك مزيف.. وأن الفرحة التي تتخلل قلبك المتعب من الغثاء والروث أخيرًا فرحة مسروقة.. هذا ماحدث لي وأنا أقرأ ( التماسيح).. لأول مرة وأنا أقرأ رواية عربية ( إن اتفقنا مؤقتا على أنها كذلك) اشعر أننا نقترب من آفاق الرواية العالمية خاصة تلك التي تسحرني وتأتي من هناك من أمريكا اللاتينية أو من اسبانيا.. تقنية الكتابة نفسها ساحرة فلأول وهلة يقنعك الكاتب بأنه يكتب يوميات.. أو ماشابه.. يكلم نفسه على الورق.. يحكي حكايته وجيله وأزمة جيل التسعينات كما قال كثيرون وهذا صحيح غير أني انتابني شعور خاص.. فقد أحسست أن الراوي يتعامل مع الحياة نفسها طيلة الوقت كنص.. نص أدبي.. ليس مكتوبا بلغته الأم لكنه مقتنع أنه يستطيع الترجمة.. لكن مفرداته اللغوية للغة المنقول منها النص رغم درايته التامة بها تظل طيلة الوقت تتسع أو تتطور أو ربما بمعنى أدق ( تدرك).. نعم.. تدرك مالم تكن تدركه... إننا نتعامل مع العالم بلغتنا نحن.. وحتى حين نكتشف أنه يتكلم بلغة مغايرة نظل مصرين على أن نفهم لغته بطريقتنا.. بتفاسيرنا.. غير أن العالم بمنتهى الثبات يظل يعلمك لغته حتى تنطقها فإن نطقتها مت.. هكذا وصلتني الحكاية... وهكذا ظلت المشاهد طيلة القصة تتدفق وربما تتكرر لكن تتغير لديك أنت كقاريء وهو ككاتب وضعية رؤيته/رؤيتك لها..وتظل تكتشف وتكتشف إلى أن تصل لأن كل مااكتشفته ربما يكون ضربا من الخرف أو الخبل كما قال...في أحيان كثيرة رأيت مراقبا يتكلم عن نفسه في الآخرين.. وكأنه كان.( الرجل الخفي) رغم إصراره في بعض الأجزاء على أنه شخصية مشاركة على أرض واقع الأحداث.. لكن ذلك التواجد في لحظات حميمة لاتخصه.. كلحظات المتعة المميتة والموت الأخير يجعلك تفكر.. نحن نجرب الموت كثيرا تماما كما نجرب المتعة والالم .. لعلنا نستسلم إليه وربما أيضا نستمتع به خاصة والعالم يضع فواصله بين مراحلنا الحياتية لنفاجأ حين نلتفت أننا لسنا من كنا هناك.. لكننا آخرون يصنعون حيوات جديدة ويبتكرون موتات مختلفة،.....كل ما قرأته في الرواية مبهر وممتع ومؤلم.. ربما أجمل مافيها ذلك الصدق المفزع لاكتشاف وترجمة مراحل حياة بأكملها بكل ماتحمله من حب وحزن وإحباط وتعري وألم وانتماء أو لا انتماء دون خطوط فاصلة بين كل تلك المعاني... لكل هذا لن أستسلم لما قيل عن أن النص ربما يكون مسروقا أو مقتبسا من رواية اجنبية أخرى الخبر الذي آلمني وأنا على وشك الانتهاء من الحكاية.. ذلك أني تعودت أن أصدقني.. أصدق إحساسي وإدراكي قبل أن أصدق الآخرين.. وتبقى المتعة ممتدة.. والألم أيضًا..
التماسيح
نبذة عن الرواية
مصر 2011، سنة الثورة. يتذكّر أحد ثلاثة شعراء مغمورين من "جيل التسعينات" المصري الجماعة الأدبية التي جمعته ورفيقيه سنة١٩٩٧.للمرّة الأولى ينتبه إلى أن لحظة تأسيس "جماعة التماسيح للشعر المصري السرّي" كانت أيضاً لحظة انتحار رمز من رموز "جيل السبعينات" من المثقّفين الذين حمل جيله إرثهم: المناضلة رضوى عادل. من هنا، يبدأ الراوي في التساؤل عمّا يربط الحدثين، مسترجعاً السنوات الأربع التي مارس التماسيح فيها نشاطهم بكلّ ما فيها: الجنس والمخدرات والتمرّد... هل يمكن أن يكون تأسيس الجماعة الأدبية وانتحار المناضلة هو ما أدّى - خلال خمسة عشر عاماً - إلى "ثورة انتظرناها ونحن لا نعرف أننا ننتظرها، وحين جاءت مارقة كقطار أخير ترتكتنا مشدوهين على رصيف المحطة؟" إنه تاريخ العقد الأول من الألفية الثانية في القاهرة، لكنّها رواية الشعر لذلك التاريخ: رواية الهوس والخيال وطاقة التجاوز.عن الطبعة
- نشر سنة 2012
- 192 صفحة
- [ردمك 13] 9781855168787
- دار الساقي للطباعة والنشر
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب
37 مشاركة