الكونية الجذرية لا العولمة المترددة
تأليف
فريد هاليداي
(تأليف)
خالد الحروب
(ترجمة)
يطرح هاليداي في فصول هذا الكتاب الغنية، أطروحة "الكونية الجذرية" Radical Universalism، وفيها يدافع عن وجود منظومة قيم عالمية مشتركة تتفق عليها الحضارات والأديان كمرجعية ونظام معياري يحددان أنماط العلاقات على أسس تعاونية ليست صراعية، من دون الانجرار إلى مثالية طوباوية، مع تأكيده الدائم على السمة "الواقعية" للكونية الجذرية التي ينادي بها. يقول إن جوهر هذه الكونية ومكوّناتها الرئيسية ليست نتاج الفكر الغربي حصراً، بل الفكر الإنساني بعمومه الذي أسهمت فيه وما تزال كل ثقافات العالم، سواء راهناً أو عبر قرون التاريخ الطويلة. يحتوي الكاتب على عشرة فصول هي: "عالم في طور التغيّر"، "ظلال القرن العشرين"، "سجالات حول السياسة العالمية"، "عودة الحرب"، "العولمة وسلبياتها"، "هشاشة الديموقراطية"، "أميركا: قطب مهيمن فوق المحاسبة"، "أوهام الاختلاف"، "الحكم المعولم من وراء الحدود" و"نحو كونية جذرية". كلها يدعم بعضها بعضاً في جهد مقدّر لإثبات عالمية واقعية ينشدها هاليداي للعالم، والفرد، والقيم.
أهمية كتاب هاليداي هي في توسطه الفكري: فهو يرفض الدعاوى الثورية، يسارية كانت أو ليبرالية، التي تستسهل الانقلاب على الواقع الصلد نظرياً، بينما فشلت وتفشل عملياً في تقديم بديل فعال. وهو يرفض أيضاً الإقرار بـ"الأمر الواقع" والتسليم به من دون الانخراط في عملية مفتوحة لتحسين شروطه. إنه الخيار الأصعب دوماً، المنزلة بين المنزلتين، حيث الدعوة إلى التغيّر نحو مستقبل أزهى للبشرية محكومة بالانطلاق من النقطة التي وصلت إليها الآن: بخيرها وشرّها. فالمستقبل يبدأ من الحاضر، كما بدأ الحاضر من الماضي، وليس ثمة انفكاك حالم يأمل القطع التام مع حقبة زمنية للولوج إلى حقبة عذراء لا علاقة لها بما سبقها. لن يسعد الثوريون بواقعية هاليداي في هذا الكتاب، ولن يسعد أنصار "الأمر الواقع" بـ"مثالية" أطروحته حول "الكونية الجذرية" المتمرّدة على الحاضر. بمعنى ما، هاليداي يريد حلماً ثورياً يرشده الواقع، ويقرّ بأمر واقع يثوّره الحلم.