“إن في نفسي شيئًا محطمًا .. بل في كل حياتي شيء مكسور .. لقد اكشفت الحياة في سن مبكرة أكثر مما ينبغي .. كان مقدرًا علي أن أكتشفها، وكان مقدرًا علي أن أراها من أسوأ نواحيها ..”
دكتور جيفاكو
نبذة عن الرواية
أما أن القصة رائعة فائقة الروعة، فشيء لا يشكُّ فيه إلا الذين لم يقرؤوها ولم يتعمَّقوها، أو الذين تقصُر أذواقهم عن إساغة الأدب الرفيع! فالقصة تبدأ قُبيل الثورة التي شبَّت في روسيا سنة 1905. وهي تحدِّثنا عن صبية يختلفون إلى المدارس وعن أسر هؤلاء الصبية . وهي تصف لنا ما يضطرب في نفوس هؤلاء الصبية من الخواطر التي تثيرها الأحداث من حولهم.. وما تثيره في نفوسهم من الخواطر تلك الحركات الاجتماعية.. وتأثير هذا كله في نفوس هؤلاء الصبية الذين لم يبلغوا الثالثة عشر بعد.. وتتبع قصة واحد منهم هو الدكتور جيفاكو.. ولستُ أعرف كاتبًا روسيًا صوِّر الهلع والفزع والجزع، كما صوَّر ذلك صاحب القصة.. فالذين احتملوا أهوال هذه الثورة أبطالٌ حقًا، لأنها بلغت من القسوة والشدة وامتحان النفوس ما لايُصدَّق إلا بعد جهد وأيّ جهد. ولستُ أعرف كاتبًا روسيًا صوِّر قسوة الطبيعة.. وجمال الطبيعة.. ومصاعب الحياة ومشكلاتها، والموت الذي يوشك أن ينقضَّ.. وحركة الجماعات في الخوف والأمن، وفي السُّخط والرضا، كما قرأته في هذه القصة. كل هذا نجده في هذه القصة التي إن شئت قراءتها والاستمتاع الصحيح بها، أن تُقتصر عليها أثناء القراءة عقلك وقلبك وذوقك جميعًا. وسترى، إن فعلت ذلك، ستربح متعةً قلَّما تربح مثلها في قراءة كتاب! . . . عندما انتهى من كتابة هذه الرواية المثيرة للجدل "دكتور جيفاجو" التي لم يستطع نشرها داخل بلاده، فساعده بعض أصدقائه خارج الإتحاد السوفيتيي آنذاك على نشرها في إيطاليا ومن ثم في لندن، ونال على أثرها جائزة نوبل للآداب. وهنا ابتدأ هجوم حاد وعنيف من الجهات الرسمية الروسية ضد الرواية وكاتبها مما استدعاه الى رفض تسلم الجائزة لما فيها من محاذير. وكتب عن تلك الفترة قائلا: "لقد وضعت كما الوحش في زريبة، في مكان ما ومن خلفي صخب المطاردة، وليس من طريق أمامي للخروج لكنني عند حافة القبر اشعر أنه سيأتي اليوم الذي سيزول فيه كل ذلك الخوف" . . "تقول الشاعرة الروسية مارينا تسفيتاييفا: " .. تأثير باسترناك يعادل تأثير النوم؛ نحن لا نفهمه، نحن نسقط فيه، نقع تحت تأثيره، نغرق فيه. نحن نفهم باسترناك كما تفهمنا الحيوانات .. "التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2016
- 1151 صفحة
- [ردمك 13] 9789776483873
- دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من رواية دكتور جيفاكو
مشاركة من zahra mansour
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
BookHunter MُHَMَD
عزيزي مترجم الأدب الروسي:
الرحمه
ليه واحده يبقي اسمها لاريسا فيودوروفنا غيشار و أحيانا يطلق عليها السيدة أنتيبوف أو أنتيبوفا. لماذا لا يكون اسمها لارا منذ بداية الرواية لنهايتها؟ أفهم أن التقاليد الروسية تستدعي ذلك و أن أمانة الترجمة تقتضي عدم التعديل لكن و الله العظيم ما حد هيزعل لو كان الأبطال هم يوري و لارا و تونيا و روديا و باشا و كنا سنتابع الأحداث بسهولة أكثر بدلا من التركيز على حفظ خريطة الأسماء المكعبلة الثلاثية في كل الروايات الروسية علما بأنني لن أقوم بعمل توكيل رسمي لأي من الأبطال حتى أحتاج للأسم الثلاثي.
المهم أن لدي طريقة لاختبار مدي استيعابك للأسماء الروسية و هي أن تقول ماساشوستس عشر مرات متتالية فإن نطقتها بدون خطأ فستتمكن عندها من قراءة الأدب الروسي.
قرأت طبعة دار المدي للترجمة و النشر و كانت الترجمة مملة جدا دفعتني لترك الرواية في منتصفها و مشاهدة الفيلم مما جعل قراءة النصف الأخر من الرواية أكثر متعة و سلاسة.
لا شيء عبثيا ولا منطقيا في هذه الحياة، أكثر من الحياة ذاتها.
ما الذي يمنعني من أن أكون طبيبا أو أديبا؟ أظن أن السبب لا يعود إلى حرماننا أو تيهاننا أو عدم الاستقرار في حياتنا، بل يعود إلى النزعة الخطابية السائدة التي عمت كل مكان - عبارات مثل : فجر الغد، بناء عالم جديد، حاملو مشعل الإنسانية .. فعندما تسمع هذا الهراء للمرة الأولى لا تتمالك من التفكير " يا له من خيال واسع، يا له من غنى! " بينما هو في الواقع يمثل هذه الفخامة لأنه عديم الخيال ومن سقط المتاع
لويس باسترناك يكتب نفسه هنا في رواية بها الكثير من سيرته الذاتية مدموجة بتاريخ أفول روسيا القيصرية و صعود الثورة البلشفية. في أتون الحرب العالمية الأولي التي خرجت منها روسيا منسحبة و مفضلة عزلتها الثورية على الصراع مع العالم أجمع ضد العالم أجمع في حرب عبثية المنتصر فيها خاسر أيضا إلى أتون حرب أخري داخلية أهلية دمرت روسيا لإعادة بنائها على أسس ثورية جديدة لن تلبث بعد فترة أن تصير ديكتاتورية قديمة و عودة للعبثية مرة أخرى.
إن في نفسي شيئا محطما .. بل في كل حياتي شيء مكسور .. لقد اكشفت الحياة في سن مبكرة أكثر مما ينبغي .. كان مقدرا علي أن أكتشفها، وكان مقدرا علي أن أراها من أسوأ نواحيها
الرواية ملأى بالفلسفة النابضة بالحياة عن العمران و الخراب للنفوس و للمدن و الجمادات و سائر الأحياء و عن جدوى الحياة و عبثيتها في الوقت نفسه.
شاعر و أديب و طبيب هو يوري بطل الرواية و كأنه باسترناك نفسه الذي يعد من أبرز شعراء روسيا في القرن العشرين.
رواية حصدت نوبل ربما لأسباب سياسية لأنها انتقدت الثورة الروسية في وقت كان الغرب يحتاج فيه لمن ينتقد الروس من الدخل ثم لم تلبث أن حصدت جوائز الأوسكار في الفيلم الشهير في منتصف الستينات.
عن الحب و الحياة لخصت لارا أحداث الرواية ككل في إسلوب خال من الفلسفة نابض بالحكمة في الوقت ذاته. كيف تحطم الحرب القلوب قبل المنازل و الجيوب و كيف تنقلب الحياة رأسا على عقب من أعلى السلم الاجتماعي إلى أدناه و كيف ينقلب الحال من وجيه من وجهاء المجتمع و نجوم حفلاته إلى شبه متسول يمشي من بلد لبلد حافيا على قدمين يحملان جسدا يرتعد بردا و يإن جوعا بداخله قلب به خواء يتسع للعالم أجمع.
كيف يصير القتل حدثا يوميا بعد أن كان خبر مقتل انسان جدير بتصدر عناوين الصحف. ثم تجري القفزة من هذا الإعتدال المسالم الساذج إلى مرحلة الدماء و الدموع. و الجنون الجماعي و وحشية التقتيل اليومي. الشرعي المكافَأ.
انهيار المؤسسات و غيات المؤن و تدهور الأمن و البلاء الاجتماعي أصبح ساريا. كان سريع العدوى فأصاب كل شيء و لم يسلم من ملامسته شيء. أصبحنا عنجهيين متعجرفين على نحو أبله سخيف بعضنا مع البعض الأخر.
تاريخ ربع العالم في فترة من أصعب فتراته يتجسد في تلك الرواية العظيمة لو كانت الترجمة أفضل.
-
عمــــــــران
هي من الروايات الرائعة , كروعة الروس وابداعاتهم في الرواية وخصوصا فيما يتعلق بالجوانب الأنسانية .
يصف الكاتب في "دكتور زيفاكو" حالة البؤس والشقاء والفقر والذل أتناء الحرب بين "البيض" والجيش الاحمر السوفيتي , وكيفية تصرف "الحمر" مع الناس واجبارهم على القتال وأعتناق الافكار الشيوعية .
وبالمقابل .. كنت قد قرأة من عدة اسابيع رواية "كيف سقينا الفولاذ" , حيث كان يصف الكاتب الجيش الأحمر بأنه من أحن الجيوش وطيبتهم مع الناس وخصوصا الفقراء والمساكين.... الخ.
لذلك تجد اختلاف وتباين في الاراء نتيجة معارضة "بوريس" كاتبنا ونفيهه بالتالي وحرمانه , وكذلك تأيد وعضوية الكاتب "نيقولاي" ... الخ
وبشكل عام هي من الروائع السوفيتية سواء كانت مؤيدة ام معارضة , فما يهمني هنا هنا القدرة الأدبية والسردية ووصف الاحداث .
-
Rudina K Yasin
الكتاب التاسع والثلاثون/ 2024
د. جيفاكو- Doctor Zhivago
بوريس باسترناك Boris Pasternak
تطبيق ابجد
"تقول الشاعرة الروسية مارينا تسفيتاييفا: "تأثير باسترناك يعادل تأثير النوم؛ نحن لا نفهمه، نحن نسقط فيه، نقع تحت تأثيره، نغرق فيه. نحن نفهم باسترناك كما تفهمنا الحيوانات"
"ما الذي يمنعني من أن أكون طبيبا أو أديبا؟ أظن أن السبب لا يعود إلى حرماننا أو تيهاننا أو عدم الاستقرار في حياتنا، بل يعود إلى النزعة الخطابية السائدة التي عمت كل مكان - عبارات مثل : فجر الغد، بناء عالم جديد، حاملو مشعل الإنسانية .. فعندما تسمع هذا الهراء للمرة الأولى لا تتمالك من التفكير " يا له من خيال واسع، يا له من غنى! " بينما هو في الواقع يمثل هذه الفخامة لأنه عديم الخيال ومن سقط المتاع"
"أليس هذا استهتارًا واحتيالًا؟ إني لأعجب، ماذا يريد من البندقية أن تصنع؟ أيتوقَّع منها تجديدًا في عملها؟! ولماذا لا ينظر إلى نفسه، وهو يطلق كل يوم الجمل والعبارات والبيانات نفسها، محافظًا على أريحيته الصحفية بسرعة فرقة كاملة من البراغيث القافزة"
هل شاهدتم الاداء الرائع للفيلم وعمر الشريف وحبيبته جولي كرستي الفلم كما اخبرنا موقع ويكا وان كنت حضرته سابقا في فترة الحجر الصحي كورونا الا انني لم افكر بقراءة الرواية حينها لاقرئها عبر تطبيق ابجد للكتب
الفلم إنتاج عام 1965، وإخراج ديفيدلين مع سيناريو روبرت بولت تدور أحداث الفيلم في روسيا بين السنوات التي سبقت الحرب العالمية الأولى والحرب الأهلية الروسية (1918-1922)، وهو مبني على احداث الرواية .( د. جيفاكولقد كان الكتاب ذو شعبية كبيرة في الغرب، إلا أنه كان محظورًا في الاتحاد السوفيتي لعقود. ولهذا السبب، لم يكن هناك مجال لإنتاج الفيلم في الاتحاد السوفيتي وصُوّر في إسبانيا بدلًا من ذلك.
كتب طه حسين بمراجعته عن الرواية اما أن القصة رائعة فائقة الروعة، فشيء لا يشكُّ فيه إلا الذين لم يقرؤوها ولم يتعمَّقوها، أو الذين تقصُر أذواقهم عن إساغة الأدب الرفيع!
فالقصة تبدأ قُبيل الثورة التي شبَّت في روسيا سنة 1905. وهي تحدِّثنا عن صبية يختلفون إلى المدارس وعن أسر هؤلاء الصبية . وهي تصف لنا ما يضطرب في نفوس هؤلاء الصبية من الخواطر التي تثيرها الأحداث من حولهم.. وما تثيره في نفوسهم من الخواطر تلك الحركات الاجتماعية.. وتأثير هذا كله في نفوس هؤلاء الصبية الذين لم يبلغوا الثالثة عشر بعد.. وتتبع قصة واحد منهم هو الدكتور جيفاكو..ولستُ أعرف كاتبًا روسيًا صوِّر الهلع والفزع والجزع، كما صوَّر ذلك صاحب القصة.. فالذين احتملوا أهوال هذه الثورة أبطالٌ حقًا، لأنها بلغت من القسوة والشدة وامتحان النفوس ما لايُصدَّق إلا بعد جهد وأيّ جهد.
ولستُ أعرف كاتبًا روسيًا صوِّر قسوة الطبيعة.. وجمال الطبيعة.. ومصاعب الحياة ومشكلاتها، والموت الذي يوشك أن ينقضَّ.. وحركة الجماعات في الخوف والأمن، وفي السُّخط والرضا، كما قرأته في هذه القصة.
عندما انتهى من كتابة هذه الرواية المثيرة للجدل "دكتور جيفاجو" التي لم يستطع نشرها داخل بلاده، فساعده بعض أصدقائه خارج الإتحاد السوفيتيي آنذاك على نشرها في إيطاليا ومن ثم في لندن، ونال على أثرها جائزة نوبل للآداب. وهنا ابتدأ هجوم حاد وعنيف من الجهات الرسمية الروسية ضد الرواية وكاتبها مما استدعاه الى رفض تسلم الجائزة لما فيها من محاذير. وكتب عن تلك الفترة قائلا: "لقد وضعت كما الوحش في زريبة، في مكان ما ومن خلفي صخب المطاردة، وليس من طريق أمامي للخروج لكنني عند حافة القبر اشعر أنه سيأتي اليوم الذي سيزول فيه كل ذلك الخوف"
في عام 1958 اعلنت لجنة الجوائز حصول باسترناك على الجائزة وكان سعيدا بها ولكن بعد اربعة ايام رفضها ، جائزة نوبل العالمية، أشارت عبر حساباتها على منصات التواصل الاجتماعى، إلى أن هذه الواقعة، تعود إلى أكتوبر عام 1958، حينما أرسل بوريس باسترناك، مؤلف رواية "دكتور زيفاجو"، برقية يقبل فيها جائزة نوبل في الأدب قبل أن يرفضها بعد أربعة أيام فقط. وقالت جائزة نوبل العالمية إن باسترناك هو واحد من أربعة فائزين أجبرتهم السلطات الحكومية على رفض الجائزة. وعندما قبل الجائزة قال إنه "ممتن للغاية، ومتأثر، وفخور، ومذهول، وخجول". وعلى الرغم من أن باسترناك لم يقبل الجائزة، إلا أن رفضه لم يغير من صحة الجائزة ويظل حائزًا على جائزة نوبل.
لم تساعد الإشادة بالرواية باسترناك في أى شيء، ورفضت الحكومة السوفيتية السماح له بقبول جائزة نوبل، وتوفى باسترناك فى مايو 1960 من مجموعة من أمراض السرطان والقلب، ولكن الدكتور زيفاجو رفض الموت معه، ففى عام 1965، تم تحويل الرواية إلى فيلم ناجح من بطولة عمر الشريف، وفى عام 1987، نشرت الرواية فى روسيا أي بعد وفاته
الرواية :
الصبي يوري جيفاغو يلقي آخر نظرة على جثمان أمه عند وضع القبر، ويسمع صوت المرتلين يتردد في الغابة الثلجية. ويرتفع في وسطه صوت الكاهن. لقد ماتت الأم الرقيقة العذبة، أما الأب فلا يدري أحد أين هو، وكل مايعرف عنه الصبي أن له أعمالا في بيترسبورغ أو غيرها من المدن، فلا يستطيع أن يزور الأم وولدها، أما الناس فيعرفون شيئا آخر: كان الأب مليونيرا، بدد ثروة الأسرة، ثم هجر الأم وطفلها، واتخد زوجة أخرى من أحد أصقاع روسيا الآسيوية، وانقطعت أخباره عن أهله منذ زمن بعيد.
أين يقيم الولد؟ كان هناك صديق للأسرة يدعى ألكسندروفيتش ويعمل أستاذا للكيمياء في المعاهد العليا، وهو مستعد لرعاية الصبي الصغير. له ابنة في سن الصبي تدعى ترينا.
في هذا البيت الهادئ المملوء بالحياة والعلم والرقة عاش يوري جيفاغو، وفي ركن آخر من أركان المدينة أقل بهاء وأكثر ازدحاما كانت تعيش فتاة قدر لها أن تمتزج خيوط حياتها وتتشابك بخيوط حياة جيفاغو وأن تكون هي حبه وعذابه الكبير. كانت لارا ابنة لمهندس بلجيكي مات منذ زمن مخلفا أرملته الروسية التي عادت من الخارج بصحبة ابنتها وابنها وقليل من المال باعت به مدخرات زوجها من أسهم وسندات، وابتاعت الأرملة لنفسها متجرا ومصنعا صغيرا للثياب وسكنت في إحدى غرفه، وهناك كان يتردد عليها كوماروفسكي المحامي صديق زوجها المتوفى ومدير أعمالها ومستشارها المالي الآن. كان كوماروفسكي رجل أعمال عارفا بالأشغال التجارية، ما لبث أن استحوذ على ثقة الأرملة، ثم على عواطفها، ولكن لارا أحست بشيء غريب. إن هذا الرجل المتوسط العمر القاسي الملامح قد بدأ يغازلها غير مكتف بعلاقته بأمها، فزعت لارا وهي بنت السادسة عشر، ولكنها قد وجدت أحيانا في هذا الغزل اعترافا بجمالها. لقد وقعت في براثم هذا الرجل تحت تأثير إغوائه وإلحاحه، ولكن الجزء النقي من قلبها مفتون بجارهما الفقير بابيل أنتيبوف ابن عامل سكة الحديد الذي يدرس ليصير معلما في إحدى المدارس العليا.
وتمضي السنوات لتصل إلى سنة 1914، فنعرف أن يوري جيفاغو أصبح طبيبا وتزوج ترينا ابنة راعيه وحاميه ألكسندروفيتش، وأن بابيل أنتيبوف أصبح مدرسا وحصل على أرقى شهادات الدولة، وهو يعلم اللاتينية والتاريخ في إحدى المدارس العليا. أما لارا فأحست بالندم يوما ما على علاقتها بكوماروفسكي، فأخذت مسدسا وذهبت إلى حفل علمت أنه يشارك فيه، ثم أطلقت عليه الرصاص، ولكنها لم تصبه لحسن حظه وحظها، إذ أن بابيل أدرك أبعاد مشكلتها فعرض عليها الزواج، فقبلت لارا وهي فرحة سعيدة، لأن ذلك سيخلصها من وطأة كوماروفسكي البغيضة.
قامت الحرب العالمية الثانية، وتطوع فيها المعلم الشاب، ثم سافر إلى الجبهة، حيث تلقت لارا منه بضع خطابات ثم انقطعت أنباؤه. وتطوعت لارا هي الأخرى في فرق التمريض، وأصبح يوري جيفاغو طبيبا من أطباء الجيش ينتقل مع الجنود من مكان لآخر، وحلت زوجته وأبوها وطفلته في موسكو، وأصيب الطبيب بجرح فعالجته لارا إلى أن شفي، ثم تكونت فرقة طبية تضم جيفاغو ولارا وممرضا آخر لتتنقل كمستشفى مع الجنود. كانت علامات الهزيمة بادية، والجيش الروسي يتمزق أمام وطأة هجوم الألمان.
أحس يوري أنه غارق في حب الممرضة، فقرر أن يكاشفها بذلك، ولكنها صدته صدا رقيقا، ثم رحلت من المستشفى. ورحل جيفاغو بعدها بأيام قاصدا موسكو. احتفلت زوجته بعودته وأعدت له وليمة قدر الإمكان.
وعاد يوري إلى المستشفى الذي كان يعمل به قبل أن يستدعى للخدمة العسكرية. فجأة بدأت الثورة وزادت الأزمة فعمت المجاعة، فقرر أن يرحل مع عائلته إلى ضيعة ألكسندروفيتش القديمة في أعماق الأورال.
ذات يوم، كانت المفاجأة، عندما رأى يوري الممرضة لارا وهي تنصرف من مكتبة القرية، فعرف عنوان منزلها وقصد إليها ذات صباح فوجدها عند البئر تحمل دلوين على كتفيها فساعدها وتحدثا، وأصبحا بعد ذلك حبيبن. واعتزم أن يخبر زوجته بكل شيء. فبدأ يزورها.
ذات يوم وهو في طريقه إليها، اختطفته كتيبة من الجنود ليعمل طبيبا لديهم، حيث رحلوا به إلى معسكر بعيد لخدمة الجرحى والمصابين في الحرب الأهلية الناشبة. ومنعوه من الاتصال بأي أحد. وفجأة أطلقوا صراحه، فقرر العودة إلى القرية حيث أسرته وحبيبته. عند وصوله علم أن أسرته رحلت إلى موسكو، فذهب لرؤية لارا، فوجدها وأقام في القرية شهرين. بعد ذلك أحس بأن الحلقة تضيق عليهما. فهو متهم بأنه أرستقراطي سابق وطبيب هارب من الخدمة العسكرية، وهي متهمة بعدم تعاطفها مع الثورة. ففكرا في الهجرة إلى الخارج. وآثر يوري أن ترحل لارا إلى موسكو بدونه إلى أن يلحق بها فيما بعد. ولحق بها يوري بعد شهور ليجد أنها يئست من عودته وأنه فقد خطاها للأبد، وليجد أن زوجته وأباها رحلا إلى الخارج.
وفي هذه الوحدة القاسية مات جيفاغو بقلب محب معذب ومستسلم للسكينة والهدوء ، والنتيجة نكتشف ان لويس باسترناك يكتب نفسه هنا في رواية بها الكثير من سيرته الذاتية مدموجة بتاريخ أفول روسيا القيصرية و صعود الثورة البلشفية. في أتون الحرب العالمية الأولي التي خرجت منها روسيا منسحبة و مفضلة عزلتها الثورية على الصراع مع العالم أجمع ضد العالم أجمع في حرب عبثية المنتصر فيها خاسر أيضا إلى أتون حرب أخري داخلية أهلية دمرت روسيا لإعادة بنائها على أسس ثورية جديدة لن تلبث بعد فترة أن تصير ديكتاتورية قديمة و عودة للعبثية مرة أخرى.
عن الحب و الحياة لخصت لارا أحداث الرواية ككل في إسلوب خال من الفلسفة نابض بالحكمة في الوقت ذاته. كيف تحطم الحرب القلوب قبل المنازل و الجيوب و كيف تنقلب الحياة رأسا على عقب من أعلى السلم الاجتماعي إلى أدناه و كيف ينقلب الحال من وجيه من وجهاء المجتمع و نجوم حفلاته إلى شبه متسول يمشي من بلد لبلد حافيا على قدمين يحملان جسدا يرتعد بردا و يإن جوعا بداخله قلب به خواء يتسع للعالم أجمع.
.
واخيرا ان عكسنا رواية باسترنال على حرب الابادة التي لا زالت مستمرة نكتشف :
•كما صوَّره باسترناك في هذه القصة. الطبيعة والحياة والشمس والبحر نرى ان غزة كانت حياة لماذا ارادوا لها الموت فجمال الطبيعة حين يقبل الربيع وتشرق الشمس وتعود الحياة إلى كل شيء إلا إلى هذه النفوس الوَجِلة، التي لا تفكِّر أو لا تكاد تفكر إلا في مصاعب الحياة ومشكلاتها، وفي هذا الموت الذي يوشك ان يمضي بهم لتقف حتى ييأسوا، أو يوشكوا أن ييأسوا من حركتها، وهم مع ذلك يهربون من الموت أو مما يشبه الموت ، كيف يصير القتل حدثا يوميا بعد أن كان خبر مقتل انسان جدير بتصدر عناوين الصحف. ثم تجري القفزة من هذا الإعتدال المسالم الساذج إلى مرحلة الدماء و الدموع. و الجنون الجماعي و وحشية التقتيل اليومي. الشرعي، انهيار المؤسسات و غيات المؤن و تدهور الأمن و البلاء الاجتماعي أصبح ساريا. كان سريع العدوى فأصاب كل شيء و لم يسلم من ملامسته شيء. أصبحنا عنجهيين متعجرفين على نحو لا نستطيع معه فعل اي شيئ فدمر بعضنا مع البعض الأخر.
هل هذا ما ارادوه لاجمل مدينة الموت ؟
-
Khaled Zaki
رواية رائعه ارخت لفترة فاصلة في تاريخ روسيا تضمنت أراء ومعتقدات وفلسفات رائقه تثري الفكر والرأي
فضلآ عما ألقت عليه الضوء من قيم وعادات المجتمع الروسي
في تلك ألأونه وما تضمنته من مشاعر انسانية
وأنها مع طولها ألا انك لا تمل قرائتها ان حملت النفس علي ذلك وسبح فكرك في ما تضمنته الرواية من افكار وأراء