استعينوا بأحلى الكتب على مرار الزمان و وعثاء الحياة
في أحضان الكتب هو كتاب جميل جدا و عنوانه أجمل, فالكتب هي أحبة بلال فضل .. و أحبتي
يقول الكاتب التركي عزيز نيسين : ما هو الحزن العميق الذي أشعر به؟ أتعرف ما هو؟ أنظر إلى الكتب الموجودة في المكتبة و خاصة تلك التي أشعر بالحاجة لقراءتها و أقول : وا أسفاه! سأموت دون قراءة هذه الكتب
الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات و انطباعات و أفكار عن الكتب و الكتاب, مكتوبة بحب و عشق و فهم عميق
ستقرأ عن عزيز نيسين و الماغوط و ماريو باركاس يوسا و أورهان باموق’ ستقرأ عن التبول الاحتجاجي و عن حرية الكلمة و في حسد سكان القبور .. و عن أولاد المتسخة
يتحدث بلال عن الخرتتة الحادثة في مصر و عن تحول الشعب إلى قطيع "لا تطلب من الخراتيت أن توسع زاوية رؤيتها أبدا، صدقني يمكن أن تقنع الخرتيت بضرورة التحليق بخياله عاليا فقط إذا أقنعت الصقر بضرورة الإستقرار الهامد على الأرض،" و ينقل عن أوجين يونسكو قوله «الشرطة خراتيت والقضاة خراتيت وأنت الإنسان الوحيد وسط كل هذه الخراتيت. كيف يمكن أن يدار العالم من قبل البشر؟ هكذا تسأل الخراتيت نفسها. إسأل نفسك أنت: هل حقيقة أن العالم قد أدير يوما ما من قبل البشر»
يقول عن الأوغاد "لا تدع الصوت العالي يخدعك ولا تصدر أحكامك بناءا على مايقوله الأوغاد، ولا تسلم قيادك لمن تعجبك حماسته دون أن تعمل عقلك فيما يدعو إليه وتفكر في مصالحه وأهدافه." و عن الكابوس الذي نعيش فيه الآن ينقل عن هنري ميللر قوله "لدينا الآن حالة تسمى حالة طوارئ وطنية، وبرغم أن رجال السياسة والنفوذ مسموح لهم بأن يتبجحوا على هواهم، وبرغم أن جماعة الصحافة مسموح لها بأن تهذي وتنشر الهستيريا، وبرغم أن جماعة الجيش تهدد وتتوعد وتُشدد على كل ما ليس على هواها، فإن من المفترض بالمواطن الفرد الذي تُشنّ الحرب من أجله وبمساعدته أن يُمسك لسانه، وبما أني لا أكن أدنى قدر من الاحترام لإخراس الألسنة، لأنه لا يساعد على التقدم أبدا، واصلت تصريحاتي لتثير الإنزعاج والغضب، لأنني أؤمن مع جون ستيوارت ميل بأن «الأمة التي تُقَزِّم رجالها، لكي يصبحوا أدوات طيعة أكثر في يديها حتى من أجل أهداف مفيدة، سوف تجد أنه لا يمكن إنجاز شيئ عظيم برجال صغار»"
أما عن أولاد المتسخة الذين لا يموتون أبدا فينقل فلسفتهم التي بينها دوستيوفسكي حين قال في رواية مذلون مهانون "إن روح الإصلاح سرعان ما ستسفر عن بعض النتائج, و الناس سيعودون إلى صوابهم حين يرون تلك النتائج, لكن روح الإصلاح هذه ستختفي من المجتمع, و سيدرك الناس عند التطبيق أنهم اقترفوا خطأ, و لذلك سيعودون للنظام القديم بمزيد من القوة"
الكراهية التي أصبحنا نعيش فيها أصبحت وقودا يلتهم كل أفراد الشعب "تجتذب الكراهية الشخص من نفسه وتنسيه ما حوله ويومه ومستقبله، وتحرره من الرغبة في الإنجاز، ليتحرق شوقا إلى الالتحام بمن يشاركونه في الكراهية ليشكلوا معا جمهورا شديد الإشتعال تقوده كراهية الذين تعرض للظلم على أيديهم، لكنه لا ينتبه إلى حقيقة مهمة هي أن الكراهية تجعله يعيد صياغة نفسه على شكل ظالميه،" و عن المستبد الذي بداخلنا ينقل قول الكواكبي "إذا سأل سائل لماذا يبتلي الله عباده بالمستبدين, فأبلغ جواب مسكت هو أن الله عادل مطلق لا يظلم أحدا, فلا يولي المستبد إلا على المستبدين" و عن الطغاة يقول ماريو بارغاس يوسا "الطغاة ليسوا كوارث طبيعية بل يتم صناعتهم بواسطة العديد من البشر, و أحيانا بمساعدة ضحاياهم أيضا"
و يكتب عن التطرف كلاما بديعا حين يقول "المتطرف يخشى دائما أنصاف الحلول، ولذلك يستحيل إقناعه بضرورة تخفيف حدة إيمانه المطلق بما يتصور أنه قضية مقدسة، فالمتطرف يشعر بالنقص وفقدان الثقة في النفس، ولذلك يجد متعته في الإلتصاق بأي كيان متشنج يحتضنه، ويدين بالولاء الأعمى لهذا الكيان ليس بالضرورة لأنه مقتنع بأفكار هذا الكيان وإمكانية تحققها على أرض الواقع، بل لأنه يعرف أنه لا يساوي شيئا خارج الكيان المتطرف الذي ينتمي إليه، ولذلك فهو يفزع من أي أفكار متسامحة ويعتبرها علامة الضعف والسطحية والجهل، ويختار الإستسلام الكامل لما يتصور أنه فكرة مقدسة يخوض من أجلها حربا متعصبة، ويظل هكذا حتى يهزم الواقع كيانه المتطرف شر هزيمة، والمدهش أن المتطرف بعد هزيمة أفكار كيانه المتطرفة لا يجد راحته إلا في الإنضمام إلى كيان متطرف جديد"
العجيب أنه رغم الاستبداد و الطغيان و الظلم, يحن الناس إلى الطاغية و الظالم, يحنون إلى الحاكم المستبد و فيله الكريه, و لا يمنعهم ظلمه من الالتفاف حول قبر الزعيم
في نهاية الكتاب وضع بلال فضل قائمة مميزة لأجمل الكتب من وجهة نظره و أنا أحييه عليها بشدة
كتب بلال فضل , قد تتفق أو تختلف معه , لكنه يستحق أن يقرأ له , فهو قد كتب بحرية و دون خوف, فهو يرى أنه "ما أتعس أن يحول الكاتب عقله إلى قبر مؤقت يدفن فيها أفكاره كي لا تجلب عليه سخط الناس"