قليلون هم القادرون على كتابة عملٍ بهذا العمق في أقلّ من 100 صفحة.
تولستوي يسرد قصة وفاة ايفان ايليتش، ايفان الذي يمثّل كل فردٍ منّا تخلّى عن نفسه ليجري خلف وهم الحياة، وهم المسمّى الوظيفي، وهم المستوى الاجتماعي،الخ.
الموت كان دائماً الحقيقة الوحيدة المهمة، هذا ما استنتجه ايفان ايليتش؛ ربما بعد فوات الأوان. نحن لا نعيش لكي نعيش، لا نعيش لكي نجري وراء الدنيا، نحن نعيش لكي نموت، لكي نموت فقط. جميعنا سنموت في النهاية، جميعنا سنموت مرة واحدة، سنموت بنفس الطريقة، بصرف النظر عن وظيفتك، حسابك البنكي، مستواك الاجتماعي، ستموت كغيرك في النهاية.
تولستوي أراد أن ينتقد تفاهة حياة الطبقات المتوسطة للمجتمعات التي تلت الثورة الصناعية. تسرد الرواية كيف يحوِّل احتضارٌ بطيئٌ و معذِّب، حياة موظّفٍ ناجح ٍاجتماعياً، إلى وعيٍ مؤلمٍ بتفاهة حياته، و بزيف علاقاته الأسرية والاجتماعية. المدهش أن ما وصفه تولستوي في قصته قبل 130 عاماً تقريباً ما زال موجوداً للآن، ربما ليس بنفس الصورة والشكل، لكنه موجود بوضوح.
من السهل أن تنسى الموت في خضمّ انشغالك بالأعمال اليومية الروتينية. ومع ذلك فإنّنا جميعاً في طريقنا لأن نموت في وقتٍ ما. حتى لو لم يقع لنا حادثٌ سخيف يؤدّي بنا إلى مرضٍ طويل كما حدث لإيفان، فإنّنا ما نزال نواجه الموت. إنّ من السهل نسيان الموت عندما يبدو كلّ شيء على ما يرام. وهذا هو السبب في أن إيفان لم يكن يفكّر فيه. لكنّ هذا لا يهمّ، فالموت زحف إليه عندما لم يكن يتوقّعه.
قبل أن يموت ايفان بساعات، قال جملة لخّصت، بالنسبة لي، كلّ ما كان يدور في خاطره قبل أن يموت: "كلّ شيء مجافٍ للحقيقة، حتى حياتك نفسها، كذب وخداع، تحجب عنك حقيقة الحياة والموت".