اقتباسات من رواية زمكان

إيه يا شيوخ هذا الزمن الغريب , لو تعلمون من هو الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما خرجت منكم كلمة كره أو حرب أو شحناء ولكنكم جهلتم قلبه الذي أنار الدنيا بالحب والرحمة وغابت عنكم نورانيته وحبه لكل الخلق حتى أنه رفض أن يدعو على كفار قريش ورفض أن يخسف الله بهم الأرض ويطبق عليهم الأخشبين, أراكم تنقلون للناس ما في قلوبكم أنتم , لا ما كان في قلب الرسول - عليه الصلاة والسلام - , تنقلون لهم بغضكم لا حبه , كراهيتكم لا سماحته , أمراض قلوبكم لا نور قلبه . الذي أنتم عليه ليس هو الإسلام الذي جاء به الرسول , ولكنه الإسلام الذي شوهته نفوسكم وعاداتكم وغيرتكم وغروركم وكبركم وحقدكم .

الزمن هو أحد مخلوقات الله , وهو يسير بنا ولا نسير فيه , يحملنا ولا نحمله , وقد تسبق أرواحنا نفوسنا فترى شيئاً في عالم "التجلي " ثم تلحق النفس الروح بعد ذلك فتراه في عالم " الحضور "

الموت هو القاعدة، والحياة هي الاستثناء، إذن لماذا كانت الحياة؟ من أجل الموت، إنك لا تستطيع الموت إلا إذا كنت حياً، فالعدم غير قابل للموت، ولكن هل الموت عدم؟ بما أن العدم غير قابل للموت إذن العدم غير الموت، ما الموت؟ ولماذا كل شيء في الدنيا يقبل المساومة والتأجيل والمفاوضة إلا الموت؟ الموت هو الشيء الوحيد المنضبط في الكون، ولكنني لا أفهم من هذا التعريف معنى الموت، فقد عرفت دقته.

ليس الحديد أو الجبال أو الهموم , أثقل شئ في الوجود يا ثريا هو نعش الإبن حينما يحمله الأب , هذا النعش لم يكن ثقيلاً على كتفي ولكنه كان شديد الوطأة على قلبي حتى إننى إنحنيت بعد أن أودعته القبر , إنحنيت يا ثريا لإنحناء قلبي , إنساق الجسد للقلب وما فيه فتكومت بجوار القبر !

ما قيمة الأشياء إذا ضاع الإنسان؟ كل شيء في الدنيا بدون الإنسان لا قيمة له، من أجلنا نحن خلق الله الدنيا، ومن أجلنا نحن طلب منا أن نعمرها، وبدوننا لا قيمة للكعبة الشريفة، فلأن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من سفك دم إنسان مسلم، كل الأشياء في الدنيا أكرمها الله من أجلنا، ومن أجلنا نحن، طلب الله منا أن نعبده، ولكن الناس في أزمنتنا أصبحت تحرص على الأشياء ولا تحرص على الإنسان.

فتنة عصركم أيها الناس هي توسيع دائرة التكفير وإضمحلال التفكير والتمسك بالفروع وإهدار الأصول أنتم أمة " إقرأ" ولا تقرءون وأمة " إعملوا " ولا تعملون وأمة " يسروا " ولا تيسرون وأمة عمروا ولا تعمرون وأمة إجتهدوا ولا تجتهدون وأمة إرحموا ولا ترحمون وأمة لا تكذبوا وتكذبون وأمة أتقنوا ولا تتقنون .

كلنا يظن أن مجتمع الأطفال هو مجتمع الأبرياء، ولكن الأصح هو أنه مجتمع "المشاعر النيئة" التي لم تنضج بعد، لا حدود للمليكة الخاصة، قسوة في غير محلها، خوف متعدد الأبعاد متضخم تصاحبه الخيالات، تهور واندفاع، كل شيءٍ مباح، وليس هناك مكان للإحجام والتبصر إلا خوفاً من الكبار وتهديداتهم.

الإستغراب هو الشعور الأول الذي يحتوينا حين نهبط إلى الحياة الدنيا , والإستغراب يبدأ من شعور الإنسان بغربته عن المكان أو الشئ الذي إستغربه , إذ لم يألفه بعد , ولأنه لم يألفه فإن المكان أو الشئ يصبح غريباً عنه ,أما هو فيكون مغترباً عنه , لذلك يكون الإستغراب ولكن الوافد الجديد إلى الحياة الدنيا لا يشعر بالإستغراب فقط , ذلك أن شعوره بالإستغراب يندمج مع شعوره بالدهشة , نعم يشعر بالدهشة قطعاً , والدهشة غير الإستغراب , فالدهشة تصاحب الأشياء المبهجة التي تثير الإعجاب لجمالها أو لرقتها أو شجنها الشفيف والإستغراب إنما يكون دائماً مصحوباً بالحيرة والخوف والقلق والإنكار .

الثورة شكل من أشكال تطهير الذات , فكما نطهر أنفسنا بالوضوء قبل الصلاة , فإننا نطهر أرواحنا بالثورة في وجه الظالم

مع كل إختراع تضيع مَلَكَة من مَلَكَات الإنسان .. !

تحدث الأشياء حين نؤمن أنها ستحدث , ويد الله لا تُرفَع عنا ولكن الناس لا ينتبهون , والله سبحانه وتعالى يقطع على أهله وخاصته اليأس ويفنى فيهم فكرة المستحيل ويربطهم بحبل نوراني فيكفيهم الخلق والكيف والتدبير .