وطبعًا زي ما إحنا عارفين كلنا مش شرط الفكرة الحلوة يتعمل منها رواية جيدة، أو حلوة، بس الغريبة إننا هذه المرة عندنا فكرتين، الفكرة الأولى الخاصة بمصنع البيرة في مصر، ذلك المصنع التاريخي العريق، وحكايته التي أعتقد أنه كان من الممكن أن نخرج منها برواية عظيمة، وهناك فكرة أخرى تخص عنوان الرواية .. وهي (خنادق العذراوات) وهو ذلك المكان المتخيَّل الذي يتم فيه بيع البنات كأنه سوق نخاسة!
..
ولكن للأسف الشديد فالكاتب يتجاهل هاتين الفكرتين أًصلاً وينحو بالرواية منذ بدايتها ناحية أفلام الثمانينات أو أفلام "المقاولات" تمامًا، لنجد أنفسنا أمام شابٍ مسكين تغويه فتاة ليل وتستدرجه إلى وكر عصابات المخدارت و"الخمره" ـ بالمرة ـ ولا بأس من استعراض بعض المغامرات الجنسية هنا وهناك، والمفاجأة أن هذا الطالب كنَّا قد تعرفنا عليه في أول الرواية على أنه "أستاذ جامعي" فلا بأس أن تأتي طاقة القدر فجأة من أستاذه ورئيسه في القسم وغريمه في الفتاة ـ التي يبدو أنها أحبته رغم الفوارق الاجتماعية والطبقية ـ لزوم الصنعة ـ فجأة ينجح الطالب بتقدير جيد جدًا ويعيّن معيدًا بالكلية، بل وتساعده التي أصبحت (في ظروف غامضة) زوجته في البعثة التي ذهب بها للخارج، وتساعده في رسالة الدكتوراة، ولكنه لا يزال يحن لأيام زمان للماضي .. وفترة الثمانينات!!
..
الغريب بالنسبة لي في هذه الرواية ليس فقط القصة العادية، والحبكة المتداعية، بل والحوار الذي يبدأ فصحى ويتحول فجأة إلى العامية والعكس، بل الغريب ـ بالنسبة لي على الأقل ـ أن كاتبها هو وجدي الكومي، الذي قرأت له روايتها السابقة (الموت يشربها سادة) وأحببتها وتحمست لها كثيرًا
وغريبُ أيضًا أنه يحرص ـ بعد أن تجاهل فكرتي الرواية التي ذكرتهما في البداية، واللتان وردتا في آخر 50 صفحة من الرواية فقط ـ يحرص على أن يذيَّل الرواية بورقة أخيرة يشكر فيها عدد من الأصدقاء ـ منهم وزير سابق ـ الذين ساعدوه في جمع معلومات، معلومات عن ماذا يا صديقي؟؟ تفاصيل صناعة المشروبات الروحية، وتاريخ مصنع البيرة والجالية اليونانية في مصر ... طب أين هذه المعلومات بالله عليك؟!! ولماذا تخبئها عن قارئك المسكين؟!!
..
للأسف