منذ سطوره الأولى..مذ تبدأ بالإهداء تشعر أنك عدت لذلك الأسلوب المألوف، الأسلوب الذي تستطيع التعرف عليه في أي مكان وضع فيه .. من فورها تتفجر المشاعر وتهتاج النفس وتدخل للعالم الآخر..عالم العمري، عالم يضرب بأغلاله عميقاً في نفسك.. يبدأ بلسعك بسوط عباراته وعتابه وبقوة كلماته.
هذا هو العمري الثائر على كل شيء، حتى أني شعرت مع هذا الكتاب أنه كمن يمر على الطريق المعبدة بالأفكار والمعتقدات فيقوم بنكتها، ثم يعيد تعبيدها بنفسه بطريقة أخرى مختلفة تماماً عن الطرق المعهودة..
يمتاز الكتاب بدسامة المعنى والمضمون، فالقضايا التي يطرحها هي ثورة على كل ما زرعه "العقل الجمعي" فينا.. وفي حديثه عن مفهوم الايمان ومفهوم العمل الصالح ومعنى اولي الامر، انا على يقين انه سينطبع في ذهن كل قارئ.. ذلك لغرابة وجدّة الفهم وعمق المعنى.
يحتاج الكتاب إلى تركيز كبير أثناء قراءته، إذ لا يمكن المرور عليه بدون تأمل وإعادة نظر، اعتقد أنه يحتاج لوقت حتى يتأصل في العقل، لذلك كنت أمر عليه ببطئ .
في بعض الأحيان تضايقت من طول الشرح الذي من الممكن اختزاله ، إذ إنه يدور حول فكرة معينةأاكثر من مرة ولكن بطريقة تقريبا تعتبر غير مفهومة.
أنقصت نجمة من التقييم لهذا السبب ولسبب أخر أيضاً يتعلق بفهمه لبعض القضايا بشكل ملتبس، باعتقادي، "كقضية خلق الله للأفعال" إذ لا أدري لم اعتبرها خاطئة أو أنها تبعث على الاستسلام، فلو نظر للأمر من طريقة أخرى لما رأى فيها أي إشكال ولما تعارضت مع فهم الصحابة للقضاء والقدر ولا كان رأى فيها أي مدعاة للكسل! واعتقد أن حجته هنا ما كانت مقنعة ولا هو استطاع فهمها بطريقة مغايرة.
من أكثر ما أعجبني الخطوة الذكية التي قام بها العمري في نهاية كل فصل من الكتاب، فقد عمل على وضع النقاط الرئيسية كملخص لما ورد ذكره في ذلك الفصل ، وذلك لانه مع التعمق في بعض المواضيع قد يتشتت ذهن القارئ فينسى بعض النقاط المهمة، فجاء هذا الملخص مفيدا في موضعه وقد ختم الكتاب بإيراد لمصطلحات الكتاب وتعريفها كل على حدة فكانت ايضاً كمراجعة عامة لكل ماورد في الكتاب..