هناك ما هو أشبه بالمبدأ لدى بعض النساء ينص على عدم إتخاذ الجميلات كصديقات أو حتى السير معهن،والسبب في ذلك هو حتى لا تنافسهن الجميلات حتى وإن كن هن أجمل منهن،وكأنه مشهد لا يقبل فيه أن يتزاحم الجمال لكي تستأثر كل إمرأة جميلة بنصيبها من الإهتمام،وقع بين يدي كتاب خالف هذا المشهد ،وهو كتاب (أحبني لتعرف من أنا) للكاتبتين إيناس حليم ولبنى غانم،وما أروعها من مخالفة ،هي مخالفة أثبتت بأن الجمال الذي يعانق جمالاً آخر يصبح أكثر إتقاداُ وإبداعاً،فكل كاتبة من الكاتبتين أخذت مساحتها الجمالية والإبداعية بالمناصفة،فهنا المرأة تساند المرأة،وحكايا كل واحدة منهن أثرت الأخرى،وحتى إن كانت هناك غيرة ،فهي أقب لإن تكون الغيرة التنافسية وليست الغيرة النسائية ...
وموضوع الكتاب هو بسيط في شكله وهو حكايات المرأة،القسم الأول من الحكايات كتبتها إيناس حليم والقسم الثاتي كان بقلم لبنى غانم،وكعادة حكايات النساء فإن الكثير منها عن الحب،وهذا طبيعي كون المرأة مخلوق مفطور على التعلق العاطفي،الحكايات في هذا الكتاب قصيرة ومع ذلك فكل حكاية تحتوي على معضلة تواجهها المرأة عاطفياً،فتظهر لنا كل إمرأة مع ما تحمله من طفولة وأمومة وحب ،هن مختلفات في أساليبهن في التعبير وفي شخصياتهن ولكن توقهن للحياة كما يردن يجمعهن،الأنغام الفيروزية كانت متناثرة لدى أغلبهن،الملابس والألوان التي تعبر عن فرحهن وعن حزنهن،حرصهن على عدم جرح غيرهن،الفضفضة الكتابية في دفاتر يومياتهن،رغبتهن في النسيان مع أنهن يردن الإحتفاظ ببعض الذكريات،أحياناً هن يردن الشيء ونقيضه في الوقت نفسه،هن يكثرن من الأحلام والآمال ومن ثم يقمن بفرزها وكأنها لا تتعلق بهن،هن لديهن أصوات تشبه الحياة ولكنهن لا تخرج عن جدران أفئدتهن!
أما الأسلوب الذي صيغت به القصص فهو فيه نوع من التقارب بالرغم من وجود أكثر من قلم،فقلم إيناس حليم يميل لإعتناق الكلمات الجميلة وإختيار نبرة نسائية هامسة و وضع بدايات تتحدى النهايات،أما قلم لبنى غانم فيعبر عن بسمة شعرية تقع في طي المفردات و ترنيمة إمرأة تعرف حلمها مهما تم تضييعه منها وبوح بما تعنيه تلك الحكايا للنساء،وتوافق حبر القلمين في مساحات تأنيث ما يحيط المرأة من أشياء كالموسيقى والأشعار،ومع أن هذه الحكايات كانت قصيرة كان هناك مرور دقيق ومختصر للتفاصيل،فالأنثى هي السيدة الكريمة التي تمنح تفاصيل أي قصة وأي ذكرى حقها،فهنا الكلام هو من إنقاد للتعابير الأنثوية وليس العكس،فالمكان والزمان والألوان والكلمات المحركة للحوار هي مهمة جداً حينما يكون لدينا سرد أنثوي،هي أمور مرتبطة ببعضها في قلب المرأة وفي ذاكرتها السردية...
عنصر التميز في هذه النصوص القصصية هو إختيار الوتيرة المناسبة ،فلا يوجد إسراع في قول الحكايات للإنتهاء منها ولا يوجد تأخير للإغراق في الجماليات فيتوه المعنى ،هناك إتزان في التعبير مع وجود إنهمار عاطفي غزير،أما العنصر الذي تمنيته فهو تقليص التكرار الذي كان في بعض الحكايا ،وكان يمكن أن يحدث حتى مع تشابه المحتوى إن تغيرت معالم الشخصيات و تفاعلاتها ...
كتاب (أحبني لتعرف من أنا) للكاتبتين إيناس حليم ولبنى غانم،تسترد فيه الحروف ما تقوله عيون النساء!