الكتاب التاسع 2024
الاسلاميون وحكم الدولة الحديثة
اسماعيل الشطي
دار الإسلام: كل موضع كان الظاهر فيه حكم الإسلام. وبعبارة أخرى: هي الدار التي يسكنها المسلمون، وإن كان فيها أهل ذمة[ر] (عهد) أو فتحها المسلمون وأقروها بيد غيرهم، أو كان المسلمون يسكنونها، ثم أجلاهم الأعداء عنها. وتسمى دار الإسلام أيضاً دار العدل، لأن العدل واجب فيها في جميع أهلها .
الخلافة الإسلامية أو الإمامة العظمي هي نظام الحكم في الشريعة الإسلامية الذي يقوم على استخلاف قائد مسلم على الدولة الإسلامية ليحكمها بالشريعة الإسلامية وهي فرض كفاية عند أهل السنة والجماعة، وركن من اركان الاسلام عند الشيعة.
1. مع 239 صفحة والدكتور اسماعيل الشطي وزير المواصلات الكويتي نذهب مع تصور الدكتور لكتاب الاسلاميون وحكم الدولة الحديثة ومعرفة موقف الإسلاميين من النموذج الحديث للدولة التي فرضتها الدول الاستعمارية في نهاية الحرب العالمية من خلال الامم المتحدة وجامعة الدول وما ظهر بعد ذلك لذلك ، من الممكن طرح الموضوع الرئيسي بالكتاب وهي البحث عن مخرج للفكر الإسلامي ومن ثم الحراك الإسلامي بعد أن أطبق علينا النظام الدولي في جميع مجالات الحياة.
2. من الملاحظ في الصفحات الاولى من الكتاب انه قادنا الى اول دولة اسلامية تم تاسيسها بقيادة رسول الله ، النبي محمد بن عبد الله ،، صلى الله عليه وسلم حيث تحدث عن حسم كثير من الأسئلة المتعلقة بالسلطة، وأن كل ما جاء بعد وفاته ، صلى الله عليه وسلم ، حول تعريف السلطة وتحديد مكوناتها وتنظيم توليها وتشكيل علاقاتها هو في الغالب اجتهاد بشري، اجتهاد لم يخرج عن نماذج الحكم القائمة آنذاك داخل القرى والمدن والممالك والامبراطوريات.
3. وبعد وفاته جاءت الخلافة الراشدة وكان الخليفة الاول بتوصية من رسولنا الكريم عندما طلب منه ان يصلي بالناس ثم عمر الذي جاء بتوصية ابو بكر بعد ان اجمع الصحابة عليه لكن عمر تركها شورى لياتي عثمان وبعده علي . وانحصار الائمة في المهاجرين من نصٍ شرعي تلاه الصديق على الأنصار تحت السقيفة فاستكانوا وتركوا، وانحصار الأئمة في قريش من نصٍ شرعي، ولم تكن وراثة قبلية كما ذكر د. الشطي؛ والنقاش بين الأحبة في السقيفة خضع –جملةً- للنص الشرعي كل يستدل على موقفه بنص." والنص الشرعي هو الذي أعطى مساحةً واسعة في أمر السلطة، ولكنه أبدًا لم يرمِ بها في أحضان مَن حولها من عربٍ وعجم"
فالمسلمون خرجو من دولة صغيرة لا تعرف شيئا عن ثقافات وحضارة الامم حيث ظهرت النظم الادارية في مراحل متاخرة بسبب نقص الترجمة ولم تكن في شؤون الحكم، بل اتجهت للعقائد بدايةً، سواءً الترجمة أو مَن أسلموا من المشبوهين وأثروا في الفكر الإسلامي كالجعد بن درهم، ، ويلحق بهما الأدباء كابن المقفع.وأثر هؤلاء تجده في الترجمات للمنحرفين من الأمة إذ قد كان عملهم فردي أو يكاد.يكون لهم نظاما خاصا مبني على الشريعة الاسلامية لذلك نجد كل انظمة الدولة الاسلامية في التفاسير وكتب الادب وغيرها فلم يوجد كتب سياسية او تتحدث عن انظمة الدولة بطريقة خاصة .
4. الاسلام والسياسي حسب تععبير موقع ويكا هو هو مصطلح إستشراقي ظهرَ حديثًا بسبب انعزال الأقطاب الدينية في العالم الإسلامي عن السياسة نتيجة إنتشار العلمانية والثقافة الغربية، كان المستشرق الإسرائيلي مارتن كرامر من أوائل الخبراء الذين بدأوا في استخدام مصطلح «الإسلام السياسي» بين عامي 1980م و2003م، كان دك جيني من أوائل الخبراء الذين أبدوا ملاحظات حول عملية تسيس الاسلام.
5. النموذج الإسلامي يتقاطع مع غيره في بعض الأمور ولكنه مستقل من حيث الإطار العام ومن حيث السياق، والخلل يأتي من اجتزاء مشهد أو نص ثم تعميمه.
6. فالإسلام نموذج مكتمل نزل كاملًا من السماء، وليست حضارة أفرزتها التجربة، أراحنا الله من هموم التجارب التي تأكل أجيالًا فأنزل علينا "تبيانًا لكل شيء"، ما إن نمتثل له حتى تعمر دنيانا ونفوز في آخرتنا، ولك أن تتبع تفاصيل التطور العمراني لدولة الإسلام وستجد أنها جاءت من التزامٍ بنص شرعي.
إن هؤلاء يبحثون عن المشقة واتباع سَنن الكافرين في المجاهدة من أجل إنشاء حضارة، يضربون في صحراء قاحلة والماء تحت الأقدام.
7. بالنسبة للسيادة تجارب الدول تختلف من دولة الى اخرى : سيطرة القوى العالمية سياسيًا (القرار السياسي أو ما يعرف بالسيادة)، وعسكريًا، واجتماعيًا، وعلى سائر شؤون الحياة. وهو أمر طبعي فالغالب يفرض رؤيته ويحولها إلى واقع (حضارة). جيث يوضح الكاتب النماذج الإسلامية التي تولت السلطة، وجاء بثلاثة وترك الرابع (السودان). وصنف الثلاثة تبعًا لتعاطيهم مع نموذج الدولة الحديثة؛ مَن هاودها وراح يديرها تبعًا لهواها ويكتفي فقط بزحزحة العداء العلماني من متشدد إلى "معتدل" (النموذج التركي)، ومن جاء من قلب التاريخ يحاول فرض نموذج الخلافة الإسلامية على النظام العالمي الموجود الآن (طالبان)، ومن حاول الاحتيال عليها وأسلمتها(الإيرانيون)،ويثني على النموذج التركي ويتبناه في خاتمة البحث، وأحسب أنه لو تعرض للنموذج السوداني لوصل لنتيجة أخرى مفادها أن نجاح النموذج التركي سببه حاجة الغرب إليه لا مهاودة الإسلاميين وإدارتهم للدولة الحديثة وليس التعدي عليها كما فعلت طالبان والروافض في إيران، ومن يعرض النموذج السوداني عليه أن يعرض سياقًا لا أن يقتطع مشهدًا حاول في الترابي تجميع الإسلاميين على أرض السودان، فالنموذج السوداني متساهل ومنظره وقائده الترابي يصعب جدًا وصفه بالتشدد أو التصادم مع الغرب من أول ظهور له في الحركة الإسلامية في الستينات.
8. أن تطبيق الشريعة عند الإسلاميين لا يتعدى الشعار، وأنهم بعيدون تمامًا عن إدراك التحديات فضلًا عن امتلاك خطة وأدوات لمواجهتها.وكان على الكاتب أن يقف ويفتش عن أسباب بُعد الإسلاميين عن امتلاك أدوات تمكنهم من فهم التحديات الدولية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية والتعاطي معها، لا أن يجعل من هذا الجهل بالتحديات والتعاطي متكأً للاستسلام للدولة الحديثة وما خلفها من منظومة فاسدة أوجدها المتكبرون بالباط
9. وتواجه الفكرة الرئيسية في الكتاب، وهي محاولة تسكين نموذج الحكم الإسلامي في النموذج الموجود الآن عدة إشكالات: أن الشرع لا يقر هذا الأمر، وقد تقدم عرض مختصر في مناقشة الفكرة الأولى. وقد يقال أنه من باب الضرورة، أو التعاطي مرحليًا مع الظروف الطارئة؛ ولكن هذا لا يفهم من سياق الكتاب، فالكتاب محاولة صريحة للالتقاء مع الصيغة الحالية في منتصف الطريق، ويتضح ذلك من سبب التصنيف ومن النتيجة النهائية، ومن مقارنة التجربة السودانية مع التركية فقد رضي الغرب الأتراك –وبدأ التحرش بهم الآن- ولم يرضَ بالسودان مع تقديمهم "اعتدالهم"، يتحرك مع مصالحه فقط، والنماذج المعتدلة أداة بأديديهم وتعمل لحين؛ ولو أن التصالح مؤقت فلا إشكال فيه نأخذ بعضًا ونترك بعضًا، ولو أن التصالح ممكنًا لسعينا إليه، ولكن تكمن إشكالية التصالح في أمرين:أن القوم يتنقلون، ولا يثبتون على حال، فالثابت في الحضارة الغربية عدم وجود ثابت. وهذا من حيث العموم ومن حيث التفاصيل، فالليبرالية تتطور في ذاتها، والاشتراكية تتطور وتختلف من تجربة لأخرى، والنظام العالمي يتطور الآن، فالدولة القومية التي ركز الكتاب عليها لم تعد هي الفاعل الرئيسي كما عرض الدكتور الشطي في كتابه، فقد دخل فاعلون دوليون عابرون للقطرية، كالشركات عابرة القرات، والمنظمات الدولية غير الحكومية، وبات القانون الدولي (العام والخاص) ينتقص من سيادة الدول سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا..، وقد نشهد قريبًا هدم صيغة الدولة القومية وإيجاد جديد. وحرامٌ أن نساق كالقطيع حيث لا نشاء، ونضحك على أنفسنا بأنه من الدين.
10. وقصة أن نبني بجوارهم في ظل قوانينهم الاقتصادية والسياسية كما تفعل تركيا، قصة يسخر منها الواقع، ويرجمها بحقائق التاريخ، والتي ذكر بعضها المؤلف نفسه، كاتفاقهم منذ "اتفاقية كامبل 1907" -وقبل "كامبل" فيما عرف بـ "الاستعمار" الأوروبي الشرقي والغربي من أسبانيا والبرتغال وهولندا ثم فرنسا وبريطانيا ولا تحصر الرؤيا على الوطن العربي فقد أهانوا المسلمين في أفريقيا وجنوب أسيا وشرقها-، على تخلفنا وتبعيتنا لهم، فنحن في المنظومة الغربية فقط مصدر للمواد الخام وسوق استهلاكية، ويتركون لنا التنفس من وقتٍ لآخر حتى لا ننفجر في وجههم أو تحقيقًا لمصلحةٍ تخصهم؛ حالهم كما وصف خالقهم، قال الله تعالى: " أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا"[ النساء:52]، والنقير هي النكتة التي في وسط النواة [الطبري:8/473]. "ومن أصدق من الله قيلًا"؟، و"من أصدق من الله حديثًا"؟
11. والإشكالية الثانية في التصالح مع الحضارة الغربية، أنهم يتكئون على ما يتعارض كلية مع ما عندنا؛ فهم ينطلقون من فكرة الصراع، أو الفردية، ونحن ننطلق من فكرة الجماعة.. التلاحم والتراحم.. الجسد الواحد.
وقد عملت الحضارة الغربية في مجتمعاتنا ولم تستطع أن تحولها للنسخة الغربية كاملة، وقد فشل هؤلاء، والتف الناس حول الإسلاميين، وهم يختارون منا نحن، فإن تحركت آلة الإعلام على فصيل من الإسلاميين انحاز الناس للفصيل الآخر؛ نعم الناس وراء مطالبها البدنية (المأكل والملبس والمسكن) ولكن مطالبها لم يوفرها لهم الغرب ولا أولياء الغرب، ولن يفعلوا بموجب ما رأينا من سيرتهم طيلة قرنين من الزما