هذه الرواية نموذج للعمل المُتَرجَم الذي يُمكن من خلاله معرفة الفارق بين الترجمة السيئة و الأخرى الجيدة ؛
الرواية تتكون من 37 فصل ،أول 11 فصل ترجمتهم سيئة (أظنها لأحمد عبداللطيف والله اعلم)و الفصول الباقية ترجمتهم جيدة جدا ( أظنها لشيرين عصمت) ؛
في ال11 فصل الترجمة ليست سيئة لدرجة انك لا تستطيع قراءة العمل ،لا اقصد هذا المستوى من السوء و لكنها سيئة لدرجة انها تُسبب لك ما يُمكن أن نُسميه " فصلان" كما نقول نحن المصريين ؛
مثلا هذه الجملة هكذا " إيطاليا كانت يجب أن تكون الجائزة لمجيئنا لهذا العالم " ،جملة عادية و ربما تكون صحيحة لغويا _ قدراتي اللغوية ضعيفة جدا لأحكم_لكنها في سياق النص تُفقدك تركيزك ، ألم يكن من الأفضل ترجمتها هكذا " كان من الواجب أن تكون ايطاليا هي الجائزة الكبرى لمجيئنا لهذا العالم " اليست الجملة الثانية سلسة و سهلة و مقبولة عن المترجمة ؟!؛
مثال أخر : يقول " لكن هي حقيقة أيضا أن المدن الكبرى لا تجذبني كثيرا " ، و ماذا لو ترجمتها يا اخي " في الحقيقة أجدني لا انجذب كثيرا الى المدن الكبرى" ايهم اسهل و ابسط ؟؛
مثال اخر : يقول " بحيث اننا اصبحنا لا نعرف عنها اكثر من لو انها كانت بلدات ..." ،اليس من الممكن تفادي كتابة " من لو انها " هكذا ؟ ، هو رص كلام و خلاص ؟؟!!؛
مثال : يقول " إلا اذا كان المسافر يبحث في المدن عن هذا الذي يعرفه عن المدن الأخرى " ، ألا تجد معي ان الجملة بهذا الشكل غير مريحة بصورة ما ؟
مثال : يقول " ميلان يمكن ان تكون هذا فقط بالنسبة اليَّ"، مشيّها " يمكن ان تكون ميلان ذلك فقط بالنسبة لي " علشان خاطر النبي يا أخي !؛
مثال : يقول "" عندما كنت أمشي أنا عبر توسكانا "" ؛
لا أدري ما الداعي لكتابة الضمير "أنا" في هذه الجملة ، يا أخي هناك تاء في (كنت)و همزة في (أمشي)يبقى لماذا "انا"؟؟!، يعني من المفترض انك لو لم تكتب الضمير " أنا" كنا سنفهمها هكذا " عندما كنت أمشي _هو او هي او هن او هم _عبر توسكانا " ؟؟؟!!! ، مستحيل طبعا ،هي كدة يا أخي " عندما كنت أمشي عبر توسكانا" و انتهت و مش اختراع يعني !
هذا قليل من كثير ، هذا الأمر تكرر في نصوص كاملة لدرجة اني شعرت احيانا بانني اقوم بمهمة فك الغاز و طلاسم و رموز هيروغليفية !
الحقيقة لا اعرف شيئا عن البرتغالية و لست متمكنا من العربية _للأسف_لكن ما اعرفه ان المترجم يجب ان يكون متمكن جدا من لغة النص الاصلي و لغته التي ينقل اليها على حد سواء حتى يُقدم لقارئه شئ يستحق و في نفس الوقت لا يُسئ الى العمل الأدبي الأصلي بترجمته تلك ؛
من بداية الفصل الثاني عشر و حتى نهاية الرواية تختفي كل هذه الفذلكة تماما و نجد انفسنا امام ترجمة رائعه و سلسة و بسيطة ، اظنها لشيرين عصمت و التي لم اقرأ لها ترجمات سابقة ؛
ـــــــــــــــ
الرواية
ساراماجو له اسلوب و طريقة واحدة ( سرد - بناء درامي -..مثل هذه الأشياء اقصد ) لا يتغير ابدا و بالتالي لمن قرأ لساراماجو اكثر من عمل مع الوقت لن يعود لحالة الانبهار و الاعجاب الاولى و عليه يجب ان يقدم على الاقل ما هو جديد و مبتكر في موضوعاته و شخصياته ، لكن ان يكرر ذلك ايضا فلا ادري ما الذي يمكن ان نطلقه على ذلك غير الفاظ مثل " افلاس - تكرار - ...الخ )؛
الشخصية( اتش )بطلة عملنا هذا سبق و تم تكرارها في اعمال(قصة حصار لشبونة - كل الأسماء )، في قصة حصار لشبونة كان رايموندو سيلبا الرجل الخمسيني النكرة و المصحح في احدى دور النشر و الذي يبدأ في فقدان موهبته و البحث عن قيمة لحياته ، في كل الأسماء السيد جوزيه الموظف بارشيف السجل المدني البرتغالي خمسيني نكرة يبدأ في ارتكاب الأخطاء او البحث عن قيمة او مغامرة في حياته و هنا في "كتاب الرسم و الخط " السيد اتش الرسام النكرة الخمسيني الذي تبدأ موهبته في التضائل و يبدأ في البحث عن معنى او عمل جديد في حياته
و تقريبا الثلاثة يصلون لنفس النتيجة في نهاية بحثهم ؛؛
غالبا كان ساراماجو يعاني من هذا الهاجس أن يكون في مثل هذا العُمر و لم يحقق اي شئ على الاطلاق و ان حياته تمضي بلا هدف ، بلا نجاح ، بلا قيمة ، في الثلاث اعمال تنتهي كل شخصية الى الحب الجاد و المثالي مع امرأة اصغر من الشخصية بكثير ، ربما يكون ذلك نتيجة لأن الثلاث اعمال جاءوا بعد فترة انقطاع ساراماجو عن الكتابة و التي امتدت لأربعين عام و كان وقتها في الخمسينيات من عمره و كان كاتبا مغمورا ان لم يكن في البرتغال فعلى الاقل على المستوى الاوروبي و يبدأ فعلا ساراماجو في هذه الفترة قصة حبه مع بيلار التى تصغره بكثير و التي تزوجها فيما بعد
!