على الرغم من ضخامة العمل نوعاً ما إلا أنه كان سلسلاً وممتعاً بأسلوب لا يُشعرك بالملل في كل سطر تقرأه.
المثقفون لم تكن مجرد رواية بقدْر ما كانت أيضاً وثيقة تاريخية لما جرى في المجتمع المثقف والثائر الفرنسي والباريسي تحديداً في الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية.
تناولت دي بوفوار باستيعاب كامل كل النزاعات والاختلافات بين محاور مختلفة من خلال تنوع شخوص روايتها، إلا أنها وببراعتها استطاعت التوفيق بين كل تلك الاختلافات سواءاً على الصعيد السياسي أو الإنساني أو العاطفي أو الأدبي.. بالطبع لم يقتصر العمل على السياسة أو التاريخ في تلك الحقبة فحسب، بل كان أيضاً تحليلاً نفسياً لكل التغيرات التي تطرأ بعد الحرب وكيف يمكن لها أن تؤثر على الأشخاص عامةً وعلى الفئة المثقفة خاصةً؛ تلك الفئة التي حملت على عاتقها حمْل التغيير والنهوض من أنقاض الحروب.
وبإدراك أن تلك الشخوص لم تكن مختلَقة بل استلهمتهم دي بوفوار من نفسها ومن سارتر وكامو وغيرهم، نجد تارة أن الرواية تحمل شيئاً من واقعية الأحداث التي جرت في فرنسا -والتي كان لها جانبها الممتع من خلال شعورك ببعض المقاطع أنك تعيش خلالها-، وشيئاً من أسلوب الرواية السردي البعيد عن التوثيق التاريخي، وكل هذا بأسلوب بسيط وبعيد عن التكلف.. العديد من الحوارات والتحليلات.
تحمل الرواية العديد من التساؤلات، فهل كان للأدب دوراً هاماً في الحرب وما بعد الحرب؟..حتى الحب والإنسانية اللذان لا تعرفهما الحرب هل كان وجودهما مهماً وأساسياً لتخطي رماد الحرب؟..
لقد نجحت دي بوفوار بنقل وقائع وعواطف وصور إلى كلمات ملموسة، بالطبع لم تكتمل الصورة لدي لحين إنهائي الجزء الثاني لكن يستحق القراءة لمتعته الخاصة والمختلفة.