كتاب (كش ملك-ضوء في المجرة 5) للدكتور أحمد خيري العمري،هو من الكتب التي تجمع بين التشجيع على سبر الذات و إستنهاض القيم الإسلامية في النفوس خاصة لدى فئة الشباب،وفي إستهلال المؤلف لكتابه سنلمس إيمانه و ثقته بإن أصوات الكلمات مهما جرت المحاولات لإسكاتها ،فهي لها مستمعين وأيضا مؤيدين،فالكلمات قادرة على شد العقول و القلوب ،وكذلك قادرة على صد الناس عن مواقفهم و قراراتهم ...
يبدأ المؤلف حديثه في الكتاب مستخدما أسلوب كتابة الرسائل،وكأن كل ما رواه قلمه هو عبارة عن رسالة واحدة فقط،،وربما يشعر أحدنا بإن الرسالة موجهة إليه بالتحديد،فالعبارة الأولى التي أتت من بعد البسملة كانت "يا صديق"،و بذلك ينسف الكاتب حاجز فرض نفسه أو ما عنده من آراء على القارئ،هو يحفزه على السير معه بتروي وهو يطرح فكره،هو يريد أن يزيل التوتر و الفرضيات المسبقة التي قد يكونها القارئ،هو يسعى لأن يجلس معه وكأنهما مرا بالطرق نفسه مع إختلاف أسماء الطرق،و من ثم ينطلق تشبيه الكاتب للحياة بإنها كلعبة شطرنج و بإن دروبها هي عبارة عن رقع بيضاء و سوداء،وبإن البشر فيها كقطع الشطرنج،وهذا التشبيه إفترش مساحة الكتاب كلها حتى إنها تغطت بالبياض و السواد أيضا،وهو يؤكد على أن اللعب في الحياة كما الشطرنج ليس إختياريا وإن لم ترق لأحدنا لعبة الشطرنج،و منا من يدري بإنه يمارس هذه اللعبة ومنا من لا يدري،ومنا من هو متبحر في قوانينها و منا من يجهل أبسطها،ومع ذلك و وفقا لرأي الكاتب فالكل يلعبها و في كل وقت،هي لعبة متواصلة لا راحة فيها !
وقد نتساءل عن الخصم في هذه المبارة الشطرنجية،فيخبرنا الكاتب عنه و يصفه بالدهاء و الحنكة و بإمتلاكه جعبة كبيرة من الحيل ،و من ثم يسميه فيقول لنا بإنه الشيطان،وهنا ينقلنا الكاتب للحديث عن صراع أزلي بين الإنسان و الشيطان،فالشيطان وهو يلعب و يلاعب الإنسان يبدو حسب وصف الكاتب كمن يحاول أن يأخذ ثأره القديم وأن يحقق ما راهن عليه،ويسترجع معنا المؤلف قصة آدم-عليه السلام-و خروجه من الجنة إثر إصغاءه للشيطان،فكانت نشوة النصر الأولى للشيطان الذي يسعى لتكرارها مع أبناء آدم-عليه السلام-،والشيطان في هذا الصراع يعول على قدراته في تسويغ الخطأ و الترويج له بجعله زاهيا و محببا للإنسان،أما الإنسان فمن المهم أن يقوي نفسه بإفاقته من حملات ترويج الشيطان و عدم الإنسياق وراءها وأيضا الإستمساك بقيمه ودينه،وكما أن لعب الشطرنج يأخذ وقتا طويلا فالصراع كذلك،والإنسان سيحتاج لإرادة حديدية ليثبت فيه على قناعاته كلما طالته نثرات مغريات أو وجهت إليه بلا هوادة أشد المحرضات...
ومع تتابع الصفحات سنلحظ بأن الكاتب سيعزز ما عنده من طرح بدلائل من الكتاب و السنة،وهو ضاعف منها وهو يناقش قضية الغفلة،فهو يؤكد على إنها العائق الأكبر لتحقيق فوز الإنسان على الشيطان ،وبإنها المثبط الذي يتخذ منه الشيطان حصنا ليجول فيه،فالكاتب شبه إرتداء الشيطان لجبة شيوخ الدين لتسويغ قول وفعل المحرمات بحصان طروادة،فلشيطان يأتي بمظهر مخادع و يجعل الإنسان يسلم شهواته مهمة تفسير الآيات و الأحاديث،فالهوى يصبح المفسر و المحرض و يستطرب الشيطان لإن ما تم قد لا ينفر الإنسان،فالأجواء التي تمت الإعداد لها فيها نصوص دينية،وهي للأسف تم تفسيرها بصورة خاطئة ،هي خاطئة لدرجة إنها تزين المعاصي و تنوم النفس اللوامة لدى الإنسان...
ويكلمنا الكاتب لاحقا عن معنى الحياة ،وبإنها لا ينبغي أن تكون فارغة،و لا يجب أن تنتشر بين رقعها اللامباة،فعلى الإنسان أن يجتهد فيها و ألا يقبل بإن يُقال له :"كش ملك"،فهو مسؤول عن حياته و كيفية عيشها و سيحاسب على ذلك،فهذه المعركة الشطرنجية تخصه لإنه يجدر به أن يكون المتربع في حياته و ليس خصمه،هي معركة لا مفر من خوضها ،و هي لم تبدأ اليوم وإنما بدأت من قبل ولادتنا و ستعلن النتائج مفصلة في يوم مماتنا..
كتاب (كش ملك-ضوء في المجرة 5) للدكتور أحمد خيري العمري،فيه نصيحة لتبييض النوايا و إخضاعها لرب البرايا ...