رواية واقعية تدور أحداثها في زمن ما قبل الثورات العربية، وتتحدث عن فئة أصحاب السلطة والنفوذ ومن يعايشهم، وضمنياً يمكن ان تشعر بالظلم الذي يقع على الآخرين، من خلال ظلم المسؤول الكبير لأبنائه مثلاً.
سيئة تلك العلاقات الاجتماعية التي تكون محورها المصالح الشخصية، وتنسى المصلحة العامة (مصلحة الوطن) تماماً، بل إن الأسوأ من ذلك، أن تكون هذه المصالح الشخصية ما هي إلا شهوات تحكم صاحبها في كل شئ، لأن وجود مثل هذه العلاقات في المجتمع، وبالتحديد عند أشخاص مثل مسؤول كبير، أو أستاذ جامعي، تدل على انحدار وانحلال أخلاقي، لا يمكن لمجتمع ان ينهض في ظل وجودها.
انتظرت أن أجد في هذه الرواية علاقة صادقة واحدة تجمع طرفين بحبٍ أو بصدقٍ ولا تُعنى بمصلحة، ولكني لم أجد، فهذه الطبقة التي تحدث عنها الكاتب هنا هي الطبقة التي تعتبر نفسها طبقةً عليا، ولكني أرى أن بفسادها هي أدنى الطبقات!
أضاف نصر الله في روايته بعض من الحوارات القوية، والتي كانت على لسان الأستاذ الجامعي مع طلبته، اعجبتني هذه الحوارات، وانها على قصرها في الرواية، إلا أنها قد تدفعك الى التفكير فيها بعمق، فمثلا، ناقش في أول الرواية فكرة (فردية المجتمع واجتماعية الفرد)، التي تناولت علاقة الفرد بالمجتمع، ونظرة المجتمع للفرد.
من ضمن أحداث الرواية، ظهرت فكرة "سرقة الذكريات"، وكيف لهذه السرقة ان تؤثر على صاحبها، وهل يمكن للمرء أن يحتمل أن يرى ذكرياته أمامه تنسب لغيره، ولا يملك الحق أن يقول هي لي؟! أو أنه يتخلص من هذا العبء الثقيل ويلقي به على عاتق غيره؟!
ما لم يعجبني هو كثرة الحكايات، والتي يتباهى فيها أصحابها، عن علاقاتهم بالنساء، واعتبار ما يقومون به مغامرات شيقة تستحق أن تذكر، وتبعث في نفوس سامعيها الإثارة والحماس.
ولكن هذه الرواية بالنسبة لي من الروايات التي تتمنى لو تنهيها في جلسة واحدة، ففي بدايتها من التشويق ما يجعل الابتعاد عنها مزعج الى حد ما، فأسلوب ابراهيم نصر الله المتمثل بالانتقال بين الأحداث والشخوص هو ما يعطيها هذا التشويق والإثارة!