"عمل مليء بالعمق و المرح، والغنى الفلسفى غير العادي الذى يميز كل روايات ساراماجو، الكهف أحد الكتب التى لا يمكن الإستغناء عن قراتها فى زماننا"
ما سبق مأخوذ من ظهر النسخة الإنجليزية للكتاب –والعهدة على موقع جودريدز- أما رأيى أنا الشخصى المتواضع هو أن الإسم الأنسب لهذه الرواية ليس "الكَهف" و إنما "السُخف"!
فهذه الرواية تتوفر فيها كل معايير الرواية السخيفة فى رأيى و هى:
-أن يمكن تلخيص كامل أحداث الرواية التى دبجها الكاتب عبر مئات الصفحات فى أسطر قليلة بدون أى إجتزاء مخل!
-ألا تحمل الرواية أى فكرة أعمق من من الكم سطر المكتوبين على ظهرها!
-أن تضطر إلى تحمل عناء قراءة أكثر من أربعمائة صفحة من الهراء حتى تصل إلى فكرة الرواية-المفصلة على الغلاف أصلا- التى ألقى بها الكاتب فى آخر ثلاثين أو أربعين صفحة من الرواية!
-أن تضطر إلى إبتلاع السخافات الإلحادية التى بذرها الكاتب فى أنحاء روايته، بدون أى مبرر فى سياق أحداث الرواية ذاتها، للدرجة التى تشعر معها أن الكاتب أحب تعريف القارىء بأنه ملحد ليس أكثر!
-أن تفكر أكثر من عشر مرات فى التوقف عن القراءة و إلقاء الرواية فى سلة المهملات و الإكتفاء بهذا القدر من الملل والسخافة!
-أن تفقد الإهتمام تماما بمصائر أبطال الرواية، حتى تصل لمرحلة "فليحترقوا بجاز جميعا و ينتهى هذا العذاب الآن!".
-أن تشعر أن بإمكانك شخصيا أن تكتب رواية أفضل من هذه السخافة الحاصل صاحبها على جائزة نوبل!
و تأكيدا لما ذكرت سألخص لكم قصة هذه الرواية فى سطور قليلة، فمن كان راغبا فى إرتكاب جريمة فى حق نفسه و قراءتها فلينصرف الآن ولا يلومن إلا نفسه!
تتمحور الأحداث حول سيبريانو أليجور صانع الخزف الأرمل ذى الأربعة و ستون عاما الذى يعيش معه إبنته مارتا و زوجها مرسيال الذى يعمل حارس أمن فى المركز التجارى الذى يورد له سيبريانو الأقداح و الأوانى الخزفية التى يصنعها، المشكلة الرئيسية تأتى عندما يقرر المركز التجارى الإستغناء عن عن خدمات سيبريانو بعدما رغب المستهلكون عن بضاعته و تفضيلهم للأوانى البلاستيكية عليها، فيشعر الرجل بالضياع حتى تقترح عليه مارتا أن يتحول إلى تصنيع دمى خزفية و عرضها على المركز لشرائها، و يتحمس للفكرة و يبدآن فى تنفيذها بعدما وافق المركز بشكل مبدأي على تجريتها، و فى نفس الوقت يحلم مرسيال باللحظة التى يترقى فيها لحارس مقيم فى المركز إلا أن المشكلة التى تواجهه هو و مارتا فى كيفية إقناع سيبريانو بالإنتقال معهم، وفى أثناء زيارة لسيبريانو لقبر زوجته الراحلة يلتقى الأرملة إساورا و يدور ينهما حوار ينتج عنه تحرك مشاعره نحوها لكن دون تصريح، و عند عودته للبيت يجد كلبا ضالا محتميا بالمنزل من عاصفة فيقرر تربيته و يسميه "لقية" و يتحول إلى أحد أفراد الأسرة، ثم يعم السرور الأسرة عندما تكتشف مارتا أنها حامل، إلا أن ما ينغص فرحتهم موقف والدي مرسيال الذان يصران على الإنتقال للإقامة معه فى المركز حال ترقيه، و فى هذه الآونة يطلب المركز من سيبريانو دفعة مبدأية من الدمى الخزفية لإستطلاع رأي المستهلكين فيها، إلا أنها لا تعجبهم فيقرر المركز إلغاء المشروع ليعود سيبريانو إلى حالة الضياع النى كان فيها بداية، ثم يأتى ترقى مرسيال لحارس مقيم أخيرا لينتقل هو و مارتا للإقامة فى المركز و يقنعان سيبريانو -الذى صرح لإساورا أخيرا بمشاعره و إكتشف أنها تبادله إياها- بالمجيء معهم –رغم غضب والدى مرسيال- إلا أن مارتا و والدها أصابتهم كآبة بعد الإنتقال، تتضح أسبابها خاصة عندما يتم إكتشاف كهف أفلاطون المنوه عنها فى النبذه على ظهر الكتاب –يمكن قراءتها فى تعريف الكتاب على أبجد- والتى شرح فيها خلاصة ما يعنيه الكاتب بهذا الكهف والتى طلّع روحنا على مدار قرابة الخمسمائة صفحة لتوصيلها!
و تأتى النهاية –أخيرا!- بإنطلاق العائلة المكونة من سيبريانو و إساورا و مارتا و مرسيال و لقية فى رحلتهم نحو المجهول المذكورة فى النبذة أيضا، و التى تخيلت أنها ستكون بداية الأحداث و إنتظرتها طوال الرواية، قبل أن أكتشف أنه ليست هناك رحلة و لا أحذاث و لا رواية فى الأساس!
فكل ما سبق يمكن سرده فى قصة قصيرة لا تتجاوز العشرون صفحة –بإفتراض ألمعية الفكرة و إستحقاقها للكتابة عنها و هو مالا أراه أصلا!- أما مطها و حلبها و إبتذالها على مدار قرابة الخمسمائة صفحة دون أى أسلوب أدبى بليغ و جملة تعلق فى الذهن حتى –لا يمكن لوم صالح علمانى على الترجمة هنا فالرجل مجرب كثيرا من قبل- فهو ما تحول إلى تعذيب حقيقي!
بداية غير موفقة بالمرة لى مع أدب ساراماجو للأسف، و ربما كانت لتكون تجربتى الأخيرة لولا شرائى بالفعل لأعماله إنقطاعات الموت و ثورة الأرض و كل الأسماء، و بالتالى سأمنحه فرصة أخرى لعل و عسى، ولكن بعد فترة نقاهة كافية من هذه المأساة!