من المحزن أن لا يكون مؤلف هذا الكتاب من الأعلام المعروفين لعموم المسلمين,وأن تكون معرفته مقصورة على المثقفين منهم فقط, عن نفسي لم أعرف عن الكاتب سوى قبل 4 سنوات تقريباً واكتشفت أنّه زعيم مسلم مجاهد وحاكم عادل وقدوة حسنة ونموذج يحتذى به لحاكم وفرد مفكر إسلامي.
إذا أهملنا عامل الزّمن وتاريخ كتابة ونشر هذا الكتاب سنستغرب من كمّ التشابه ومطابقة الكتاب مع واقع الأمة الحالي, وستسقط الكثير من أفكاره على ما تعيشه بلادنا وستجد الكثير من التطابق والكثير من الفائدة. برأيي من الممكن أن نسميه "كتاب المرحلة" فستجد أن السلبيات التي تحدث عنها في فصوله هي نفسه ما مررنا به وجنينا نتائجها وستجد أيضاً الحلول لهذه الأخطاء وستجد أيضا البشرى بتغيّر الحال فقط حين ندرك الواقع ونبدأ بالعمل على تغييره للأفضل.
في مقدّمة وتمهيد الكتاب للمترجم محمد يوسف عدس والتي تقع في 60 صفحة تقريبا يتحدث عن تاريخ الكاتب علي عزّت بيجوفيتش ونضاله وأفكاره قبل أن يمسك مقاليد الحكم في دولة البوسنة وبعدها, وكيف قاد بلاده في الأزمة بعد تفكك يوغوسلافيا ومن بعدها هجوم الصرب على البوسنة وسط حصار فرضته دول الاتحاد الأوروبي على البوسنة ورفضهم مدّها بالسلاح رغم تسليح الصّرب. ثم بعد ذلك يتحدث عن الفكرة الخاطئة والكاذبة التي نقلها المترجمون الغرب لمجتمعاتهم عن علي عزّت القائد المسلم وعن الاتهامات الكاذبة التي اتهموه بها وكيف أنّهم حرفوا كتاباته مستشهداً بما كتّبه كُتّاب غربيون آخرون عن الكاتب.
ثمّ نأتي لمحتوى الكتاب الذي يقع في ثلاثة فصول ,يتحدث في الفصل الأول عن تخلّف الشعوب المسلمة وعن المحافظون ودعاة الحداثة وكيف أنّه على الرّغم من اختلاف أفكارهم ودوافعهم فنتيجة أفعالهم واحدة ويستشهد في هذا الصدد بالتجربة الحضارية لليابان وتركيا.ثم يتحدّث عن أسباب التخلّف والعجز فأقتبس من قوله هذه الأسباب: "نحن مستعبدون,في نقطة معينة من التاريخ الحديث هي سنة1919 لم تكن توجد دولة مسلمة واحدة مستقلة,ولم تتغيّر الأوضاع بعد هذه النقطة تغيّراً جوهريّاً.
نحن غير متعلمين, ففي الفترة ما بين الحربين العالميتين لم توجد دولة مسلمة واحدة بلغت نسبة القراءة والكتابة فيها أكثر من 50%وعند الاستقلال وجد أن 75%من شعب الباكستان و80% من الجزائريين يعانون من الأمّيّة.
نحن مجتمعات ممزّقة,فبدلاً من الحفاظ على مجتمع واحد خالٍ من الفقر الكافر والتّرف السّفيه,تحوّلت المجتمعات الملمة إلى عكس هذه الصورة مناقضة في ذلك تعاليم القرآن التي تحول دون تركيز الثروة في يد فئة قليلة من الناس دون بقية أفراد المجتمع".
أما في الفصل الثاني بعنوان النظام الإسلامي يتحدّث عن إشكاليات النظام الإسلامي في الوقت الرّاهن "ستستغرب أن مشكلات وقته هي نفسها مشكلات وقفتنا لم تتغير تقربا! اللهم وجود بعض الوعي الآن لدى فئة ليست بالكبيرة ولا الصغيرة من الأمة". ثم في الفصل الأخير سيطرح سؤالا ويجيب عليه ألا وهو "النهضة الإسلامية :ثورة دينية أم سياسية؟" ثم يتحدّث عن السلطة الإسلامية وما الفرق بينها وبين غيرها من السلطات , بعد ذلك يتحدث عن مساوئ التجربة الباكستانية باعتبارها التجربة الإسلامية الناشئة في حينها,وأخيراً صفحات قليلة في الخلاصة من أفكار الكتاب.
بعد الرغي ده كله أحب أقول أن الكتاب ده من أروع الكتب اللي قرأتها حتى الآن :D وأحب أقول أنه بالنسبة لي جاء في وقته تماما وساعدني في ترتيب أفكاري وبثّ الكثير من الأمل في المستقبل القادم, حاولت اقتباس الأفضل من الكتاب لكن بعد ما خلّصت اكتشفت اني علّمت على الكتاب كله تقريبا! :D إذا كنت لم تقرأ بعد لعلي عزّت بيجوفيتش فهذا الكتاب بداية رائعة ومحفّزة لقراءة كتابه "الإسلام بين الشرق والغرب" وإن كنت قد قرأت له من قبل فستستفيد أيضا من هذا الكتاب مركّز الأفكار . رحم الله القائد والمجاهد علي عزّت بيجوفيتش.