كعادة صنع الله إبراهيم ينتابنى إحساس لا أدرك مدى صحته أننى أقرأ سيرته الذاتية، هو هنا الطفل الذى لم يكمل العاشرة الذى "يتلصص" لنا على العالم، عالم الفئة الدنيا من الطبقة الوسطى فى مصر أواخر الأربعينيات، تصوير دقيق جدا لتفاصيل الحياة اليومية فى هذه الفترة -هو أكثر ما أعجبنى- من خلال مشاهدات الطفل الذى يعيش مع أبيه الموظف على المعاش وحدهما، حيث الأم مختفية منذ بداية الرواية بدون توضيح السبب، ثم تدريجيا تتضح تفاصيل الحكاية شيئا فشيئا من خلال تكنيك صعب إستخدمه صنع الله هنا و هو نثر فقرات قصيرة مطبوعة بخط أثقل قليلا تتخلل الأحداث على مدار الرواية، و هى عبارة عن "فلاش باك" يلقى الضوء على ما خفى علينا من تفاصيل سابقة و خلفيات العلاقات بين الشخصيات، أسلوب مرهق بعض الشيء و لكنه لا يخلو جمال.
هناك مسحة حزن تغلف الرواية و بالذات فى نهايتها، أعتقد أنها كانت إنعكاسا لنفسية الطفل بطل الرواية المحروم من الأم و الأشقاء مع الفارق العمرى الكبير بينه و بين والده الذى تعاطفت معه رغم أخطائه.
تواجهنى بعض الصعوبة فى تقييم هذا العمل، فهو جيد بالفعل، و لكنه بالتأكيد ليس رواية، وإن كان يستحق القراءة لمن كان من محبى صنع الله إبراهيم مثلى.
ملاحظة أخيرة: الغلاف من تصميم الفنان محى الدين اللباد أكثر من رائع.