في عنوانه الأول " جولة مع التاريخ" يسرد الكاتب –رحمه الله- سرد رائعا بسيطا لانهيار التقاليد والاعراف والقيم في القارة الأوربية أو الغرب عامة .. من ظهور دارون لفرويد والثورة الصناعية والحرب العالمية الأولى.... الخ
فالملاحظ في هذا السرد هو الخطوات التي أدت الى هذا الانهيار بعد ان كانت اروبا مسيحية محافظة نوعا ما حتى وقت قريب ..!
وكما نلاحظ أيضا كيفية حصول الفلاحين " المذلولين" من قبل الرأسمالين على حقوقهم بعد صراع طويل (الشكلية على الأقل) .... وذلك عند انتقالهم من القطاع الزراعي الى القطاع الصناعي ... وكذلك المرأة ( التي صدع الغرب رؤوسنا اليوم بحقوقها) تجد أنها – إلى حد قريب- كانت عبارة عن ( لا شيء ) إن صح التعبير ! هذا بالإضافة إلى العوامل الحقوقية والانسانية وكيفية نشؤها كنتيجة لظلم مرعب كان يقع على المرأة والعمال والبسطاء عامة ( لا تفضيلا وكرما وإنسانية من الرجل الأبيض على المرأة) ....
وفي الفصل الذي يليه " حقائق وأباطيل" يسرد الكاتب وبأسلوبه الجميل كيف انحدر الغرب " اخلاقيا" استنادا إلى نظريات كنظرية دارون ويقوم بالرد عليها من خلال المفكر الملحد "هكسلي" في إثبات أن الانسان إنسان وليس كما يصوره دارون على أنه من أصل حيواني ..الخ
بالإضافة إلى ما آلت إليه البشرية بفعل سلطة " الرجل الأبيض" .
ثم يقوم بالتعليق – وبأسلوبه البسيط الشيق- على فرويد ونظريته الجنسية وسخافتها ! والتأكيد على إنسانية الإنسان مرة أخرى ....
وفي عنوان " فلنكن صرحاء" يبدأ الكاتب – رحمه الله- بالتساؤل حول الاسباب التي أدت إلى ما نحن عليه من انحلال ( إلا من رحم ربي)، فيقوم بطرح بعض الأسئلة كــ هل كانت لنا كنيسة تطارنا وتطالبنا بالإتاوات والخضوع لرجال الدين .. الخ ؟ وهل قامت في تاريخنا كله عداوة بين الدين والعلم كالتي قامت في أوربا؟ وهل قمنا بإعطاء المدرسات مثلا راتبا أقل من راتب المدرسين بحجة أن المرأة تأخذ إجازة حمل وولادة (كما تفعل بريطانيا إلى يومنا هذا )؟
وغيرها من الاسئلة التي يطرحها الكاتب لمحاولة عقد مقارنة بين أسباب الانحلال الأوربي – كما شرحها في فصول هذا الكتاب- وأسبابنا نحن؟
وفي هذا الفصل نفسه " فلنكن صرحاء" فقد ناقش الكاتب وبصراحة تامة حال الداعين إلى ما يسمى " التحرر" وطرح العديد من علامات الاستفهام حول التركيز على المرأة وتعليم المرأة ووظيفة المرأة وإطلاق العشرات من المصطلحات التي يستتر خلفها " المحررون" كالحرية الشخصية والخصوصية ...الخ الصحيحة في ذاتها والخاطئة في مقصدها! .
وفي عنوانه " حين نكون مسلمين" يبين ما آلت إليه الحال في اذهان الكثيرون وحتى المخلصون منهم ، والتصورات المتخيلة والتي نعتقد بها – أو يعتقد الكثيرون بها- في حال " حين نكون مسلمين" ومن هذه التصورات : ( اللحى تملأ الشوارع، المرأة لا تخرج ولا تتعلم ولا توظف في عمل ولا تشترك في نشاط!، الرجال في المساجد والنساء في البيوت....الخ) أختفى المرح من الوجوه وخيم السكون والجمود !.
وبالعموم هو كتاب لطيف مسل مفيد .....