أتذكر قراءتي لرواية الخيال العلمي 20 ألف فرسخ تحت الماء
كان جول فيرن يسترسل في وصف الغواصة، وتركيبها
ومنظر الأسماك تحت الماء، والبحر والحياة به
لو قُرأت هذه الرواية في حينها، لانبهرت بها
وانبهرت بهذا المخلوق العجيب الذي يُسمي غواصة
الآن وقد اخُترعت اكتشافات كثيرة منها ما هو أكثر غرابة ودقة
هل سأندهش حقًا؟ بالطبع لا
وهذا هو ما حدث في هذا الكتاب
الاستبداد والاستعباد
قيود أخرى نرزح تحت ثقلها
وبعيدًا عن تاريخنا طويل الأمد معهما
هل-الآن- والحالة كهذه، ونحن نرى حولنا كل هذا القمع والاستبداد والطغيان
هل نحتاج لمن يشرح لنا ما هي سمات المستبد ومصير العبد؟
في رأيي أننا وصلنا من الوعي والنضج السياسي
وتعايشنا ما واقع قميء وأسوء ربما بمراحل كثيرة مما عاشه الكواكبي
يُمكنا-إذا ما امتلكنا براعة لغوية ما- من كتابة مجلدات في الاستبداد والاستعباد
لا أنكر قيمة الكتاب في وقته وزمانه
ولا أنكر قدرة الكواكبي على صياغة الواقع بشكل بليغ
أشبه بعالم في الاجتماع
والتي ساعدته فيها كثرة أسفاره بين البلدان، وتأملاته في واقع كل منها
لكن لم يضف جديد، لا فكرة ولا معلومة بالنسبة ليّ
بدأت الكتاب بأمل شديد واستعداد للانبهار
وخرجت بخيبة أمل كبيرة وملل لا حد له
إذا توقف الأمر إلى هذا الحد، كان سيصبح جهده مشكور
لكن حقيقة كان هناك في فكره وآراءه أشياء
يجب أن نضع تحتها آلاف الخطوط الحمراء
1-استشهاده ببعض الآيات القرآنية واستخراج النبؤات منها!!
لا أعلم ما هذا ولا كيف لمفكر أن يسمح له عقله بهذا
هل هي محاولة لمناهضة العلمانية باقحام الدين في كتاب سياسي أم ماذا؟
لم أفهم الحقيقة مغزى ذلك
2-استبداده للمرأة
نعم، لن أقول ازدراءه واحتقاره للمرأة
ولن أقول نظرته الدونية لها
هذا يليق بوجهة نظر ما، أو يليق بكتاب فكري آخر
لكن حين يناقش كتاب قضية الاستبداد
وينظر تلك النظرة للمرأة، فهو استبداد لها وطغيان عليها
ولن يثور قطيع من العبيد على حاكم مستبد
إذا ما كانوا يمارسون الاستبداد على بعضهم البعض
ويرى بعضهم أنه له مطلق الحرية والحق في الاستبداد
وعلى الآخر أن يرتضي الاستعباد والذل
لن ينهض شعب متناقض كهذا
ولن يستطيع التخلص يومًا من الاستبداد السياسي
طالما أنه يمارس أنواع أخرى من الاستبداد
3- انبهاره المبالغ به في الغرب وبكل ما وصل إليه الغرب
المقارنات الكثيرة بين الغرب والشرق
عقدة الخواجة!!
لا يملك أحد منّا ألا ينبهر بالغرب ويحترمه
وينحني احترامًا لكل ما وصل إليه ووصل إلينا منه
ومن علومه ومعارفه وعلماؤه
لكن صدقًا الانبهار كان مبالغ فيه
خاصة وأنه ليس في موضعه
وأن جلّ الحديث ومحوره للشرق وموجه له
ناهيك عن ميوله الاشتراكية
لا أعلم هل هي حمى الاشتراكية في هذا الزمن أم ماذا
*أعجبني في الكتاب-بالرغم من كل ذلك- قوة اللغة
وبلاغتها وبساطتها، والسجع بالعبارات
وتوضيح الأستاذ أسعد السحمراني للمعاني المبهمة
ربما هي الشيء الوحيد الذي يستحق في هذا الكتاب
تمّت