ساعات يلتقي خلالها المرء مع ربات الفنون والأفكار، حيث يرتحل بنا الأستاذ العقاد لنطوف في اقطار الأرض، فيملأ أوقاتنا أدباً وعلماً وفلسفة.
فإن اتفق كتاب عربي يستحق النقد فكتاب عربي، وإن اتفق كتاب أجنبي ميسر للتلخيص فكتاب أجنبي، وإن اتفقت شخصية يستعرض أحوالها في مقالة واحدة فشخصية يتولى استعراضها.
فصول يديرها العقاد على موضوع الكتب والقراءة، بما يجتمع له من دقة الإحساس والملاحظة، وسعة النظر، وما يختلج نفسه من الخواطر والآراء وهو بين صفحات الكتب ومذاهب التفكير، ليشارك القارئ في تصفحه ودراساته وتأملاته،
للعقاد آراء في موضوع المرأة والحركة النسائية، يستمدها حصراً من تفاعلها الغريزي والفطري، ويبنى أحكاماً مجحفة على ضوء ذلك التفاعل، ليقدح في طبيعتها ودورها رغم إنكاره لذلك.
فالغريزة والفطرة ليس من المسلم لها أن تحكم الإنسان كما تحكم الكائنات الحية الأخرى، وما تفرضه هذه الغرائز ينتهي تأثيره في وقت هيمنتها، فالعالم والمجتمع ليس غرفة نوم كبيرة، لينطبق عليه ما ينطبق داخلها، فأن يفترض الأستاذ أن الكاتبة مارلي كورلي عندما تكتب " أية امرأة تذكر الحرية وعلى شفتيها قبلة حبيبها؟! " تكون قد وقعت وثيقة تنازل عن حريتها، وقدمت دليلا دامغاً على صحة آراء العقاد في هذه المسألة، ففي هذا تعميم، أربأ بالمفكر الكبير عن اقترافه والتسليم به.
مهما يكن رأي العقاد في أي مسألة ، تبقى ساعات مباركة تلك التي يقضيها المرء في مكتبة الأستاذ المفكر والفيلسوف الكبير.
"وقد يسال بعض السائلين في هذا العصر الذي أصبح فيه السؤال هو كل الفلسفة وكل الجواب: ولماذا نقرأ؟ ولماذا نتثقف؟ ولماذا نطلع على الأشعار أو على غير الأشعار؟
إن أحداً في الدنيا لا يترك أكل الطعام وشرب الماء، وينتظر ريثما يقول له القائلون لماذا يأكل؟ ولماذا يشرب؟ فهو يأكل ويشرب لأنه يحس في جسمه الجوع والعطش، لا لأن أحداً فسر له علة الأكل وعلة الشراب، ولو ان الذي يسأل لماذا يقرأ، لماذا يتثقف، كانت له نفس تجوع كما يجوع جسمه لاستغنى عن سؤاله، واقبل على موائد الثقافة غير منتظر جواب ذلك السؤال، فمن كان يسال الناس على هذا النحو فخير له وللناس ألا يجاب؛ لأنه لا يستفيد مما يسمع ولا يستحق مئونة الجواب."