تلك الحروب التي امتدت في المشرق العربي زهاء قرنين من الزمن (1097 - 1291) لم تكن مجرد حملات صليبية يقابلها دفاع عربي إسلامي، بل على العكس من ذلك فعلى الرغم من أن كل تلك الحروب قامت على أراضي عربية إلا أنك لن تجد أي دور يذكر للعرب آنذاك، كما أن محاربة الفرنج والمغول لم يكن دافعها الأول هو الزود عن الإسلام كما كانت دوافع تلك الحروب دينية بالنسبة للفرنج.
لقد كانت الخلافتان العباسية والفاطمية موجودتان آنذاك لكنهما كانتا مجرد مظهر والدور الأكبر في الحكم كان للسلاطين الأتراك بالإضافة إلى السلاجقة والزنكيين والأيوبيين والمماليك أي الأتراك والأكراد الذين تتالى حكمهم على تلك الأراضي العربية.
إن هذين القرنين من الحروب يختزلان مشكلة العرب والمسلمين بنواحيها المتعددة، فعلى الرغم من طول المدة التي اختلطوا فيها مع الفرنج وتعايشهم معهم إلا أنهم لم يتعلموا منهم شيئاً يذكر، في حين أن هذه الحروب بالنسبة للفرنج على الرغم من خسائرهم فيها كانت مورداً هاماً حيث نقلوا إلى بلادهم العلوم والفنون المختلفة.
ولعل المشكلة الأهم هي تلك الصراعات الداخلية سواء الطائفية منها أو التي كانت نتيجة الصراع على السلطة، حيث ترى المسلمين يطلبون العون من الفرنج لمساعدتهم على محاربة إخوتهم المسلمين، بالإضافة إلى الخلافات التي تنشأ بعد وفاة السلطان مثلاً أو أي حاكم عربي، حيث تؤدي هذه الخلافات إلى عدم خضوع كافة المناطق التي كانت خاضعة إلى الحاكم السابق لسلطان الحاكم الجديد الأمر الذي يدفع هذا الحاكم الجديد إلى إعادة توجيه جيشه مرة ثانية لإعادة السيطرة على تلك المناطق والتي يفترض أن تكون خاضعة لحكمه وتقاتل إلى جانبه.
كتاب ممتع .. من أروع الكتب التي قرأتها حتى الآن.