هكذا إذا أنتهى من عبقرية الإمام على _رضى الله عنه_ للعقاد،تعمدت قبله أن أقرأ كتابه عن ذى النورين عثمان رضى الله عنه وأرضاه نظراً لترابط الأحداث بين الخلافتين ،الكتاب مكون من عشر فصول هى على الترتيب :صفاته،مفتاح شخصيته،إسلامه،عصر الإمام،البيعة،سياسته،حكومته،النبى والإمام والصحابة،ثقافته،فى بيته، بالإضافة للتقدمة وفصل أخير بعنوان صورة مجملة،هنا لن أتحدث عن طريقة العقاد التحليلة لصفات كل صحابى يتناوله فى عبقرياته والتى تثير إعجابى ولا شك ،ولكن هذا الكتاب بالتحديد لم يثر العقاد فىّ إلا السخط ،طبعاً القراءة عن هذه الفترة _الفتنة _ ليست سهلة فأنت إما أن تقرأ كتاب مغرق فى إنصاف كل الصحابة المرتبطين بها بما لهم وما عليهم ويظهرونهم لك كأنهم ملائكة وأنهم لم يتسابقوا على دنيا أو تجد كتاباً مغرقاً فى إنصاف فريق دون آخر مع التعدى على فضل هؤلاء فى الصف الآخر وهذا ما حدث هنا سأقدم هنا مثالين على ذلك :الأول كان فى معرض حديثه عن سياسة الإمام على رضى الله عنه أورد العقاد حديثاً لم يعقب هو من أين جاء به أو حتى يبيّن للقارىء سنده أو أى مؤرخ قاله "وهذه مشكلة رأيتها أثناء قراءتى للعبقريتين السابقتين فهو يجىء لك بالخبر ويسكت وإن عقّب يقول لك "وأيده فى ذلك كثير من المجتهدين" ولا يقول لك من هم هؤلاء المجتهدين أو فى أى مرجع أيدوه ،،ولكن ما علينا _لنعد إلى الكلام الذى أورده : قال:أن السيدة عائشة رضى الله عنها حينما تولى علىّ رضى الله عنه قالت "ليت هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لعلى واشارت للسماء والأرض ،ولم يورد من مصدر جاء بهذا الكلام !! ناهيك عن إتهامها بأنها كانت تريدها لطلحة بن عبيد الله لأنه من قبيلة أبيها وابن عمه ،يعنى السيدة عائشة حبيبة رسول الله تثور لأمر من أجل عصبية قبلية !!وأن طلحة والزبير خرجا على علىّ أصلاً بسبب طمعهما فى إمارة ولايتين فهما لم يخرجا طلباً لدم عثمان _ما رأوه حقاً_ !!
المثال الثانى كان فى نفس الفصل الذى تحدث فيه عن سياسة الإمام ،يقول العقاد أن الإمام على أنكر تخطى الصحابة لبيعته بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام لأنه كان يرى نفسه أحق بها بسبب قرابته من الرسول بل والأدهى من ذلك أن الرسول نفسه صلوات ربى وسلامه عليه أرادها لعلىّ ولكنه لم يقلها لأنه لم يرد أن يثير العصبيات الجاهلية ،،قل لى بالله من أين جئت بهذا الكلام ؟ !! يا سلام ؟؟ يا سيدى أنت طول الكتاب وأنت تحاول إقناعى أن الفتنة حدثت بسبب فريقين أراد أحدهما الدنيا وأراد الثانى الآخرة وأن الإمام علىّ هو ممثل الفريق الثانى ،كيف إذا تحاول إقناعى الآن أنه كان فعلاً حاقداً على الصحابة فى تخطيهم لبيعته ثلاث مرات ؟؟
فى فصل "النبى والإمام والصحابة" يحاول العقاد إقناع قارئه أن علاقة الإمام بالصحابة "بيّن بيّن" لم أجد كلمة أكثر أدباً منها فهو يرى أن مثله لا يرزق صداقة الألفاء بسبب المنافسة والحسد فمن حوله يستبعدون فيه الإمارة وإن استقربوا يومه فى الإمارة فلا (مطمع) لهم فى النفع على يديه لأنه قوّام بالقسط ؟ لهذه الدرجة يرى العقاد أن على رضى الله عنه لم ينل البيعة بالخلافة ثلاث مرات سابقة بسبب أن من حوله رأوا أنهم لن ينتفعوا بشىء أثناء خلافته !! وفى نهاية كلامه بهذا الصدد استشهد بكلام الحكيم العربى ان نسى أنه أسد لم ينسوا أنهم كلاب !! <\b> ألم يجد العقاد تشبيه أكثر أدباً من هذا ؟!
لم أكن راغبة فى قراءة مغرقة عن قصة الفتنة فى هذا الكتاب ولكن لإن لزم التحدث عنها كضرورة فى فترة خلافة الإمام على كان يجب على الكاتب ألا يقتطف منها ما يريد وما يراه هو ويفرضه على القارىء فإما أن يعرضها كاملةً من مصادر لا أقول موثقة وإنما مذكورة على الأقل قل لنا من أين جئت بها أو يٌعرض عنها نهائيا دون خوض فى هذا وذاك وتطاول على صحابة رسول الله
تجربة سلبية فيما عدا فصول ثقافته وبيته وإسلامه