أفلاطون المحاورات الكاملة،المجلد الثالث - أفلاطون
أبلغوني عند توفره
شارك Facebook Twitter Link

أفلاطون المحاورات الكاملة،المجلد الثالث

تأليف (تأليف)

نبذة عن الكتاب

محاورات أفلاطون (438 ق. م - 347 ق. م) الكاملة في خمسة أجزاء مع ملحق لآدم فوكس كبير الأساقفة بعنوان "أفلاطون والديانات السماوية" يقوم فيه السيد فوكس بمحاولة رائدة وطريفة لمقاربة أعمال وأفكار أفلاطون، بالأعمال والأفكار التي وردت في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد. والمحاورات من تعريب شوقي داود تمراز وإصدار الأهلية للنشر والتوزيع بيروت، 1994. المحاورات معربة عن الإ نجليزية، ويبلغ عددها 28 محاورة مرتبة ترتيبا زمنيا حسب تواريخ ظهورها لأول مرة مما يمنح القارىء فرصة ثمينة للإلمام في مكان واحد بفلسفة أفلاطون كلها وإدراك الوحدة الداخلية الخفية التي تربط بين أعماله المختلفة. وتضم هذه المحاورات بالإضافة إلى محاورة الجمهورية والنواميس محاورات "ليسيس أو الصداقة" و "لاخيس أو الشجاعة" و "إيون" و "مينون أو الفضيلة" و "فيدون أو خلود الروح" و "سيمبوزيوم أو المائدة" و "هيبياس الكبرى أو الجمال" هذا عدا عن محاورة "فيدروس"الشهيرة وهي رائعة أدبية من روائع الفكر الأفلاطوني تبحث في طبيعة وقوة الحب، وفي ماهية المحبين، والحب العقلاني واللاعقلاني، وغيرها. وتبحث المحاورات، على الإجمال، في قضايا عديدة تشمل المعرفة والوجود والقيم وقدم العالم أو حدوثه وحلول النفس في الجسد وغير ذلك من قضايا. ورغم أن تعريب المحاورات كان في مجمله دقيقا وصحيحا إلا أنني لم أحبذ استخدام المعرب لبعض الألفاظ والمصطلحات مثل استخدام لفظ الجلالة (الله) للتعبير عن مفهوم الألوهية بدلا من لفظ الإله أو الصانع. واستخدام لفظ الروح بدلا من النفس، والخلق بدلا من الحدوث أو الصنع، وغير ذلك.وفي هذه الأقسام انطباعات هي ما تركه تنقل المؤلف الواسع في أنحاء بلاد المغرب ، وقد سجلت عينه هذه الانطباعات ، ثم جاء قلمه ليعبر عنها تعبيراً صادقاً ، وفيها عواطف جاشت بها نفسه من حيث أنها نتيجة ما مرّ بين الناس هناك وبينه من بيوتهم وأنديتهم ومقاهيهم ومضاربهم وقاعات المحاضرات ومسارح التمثيل واجتماعات الأحزاب السياسية ، وما كان اكثر هذه كلها عبر نحو أربعة عقود من السنين بدءاً من سنة 1949، وما أكثر ما كان فيها من أحاديث خاصة ، وصلات حميمة ونقاش حاد ، لكن ذلك كله ، وكما سيكشف القارئ كان في إطار من الود والحب ، ومن هنا كانت هذه العواطف التي يشعر بها القارئ لهذه القصوى ، إلى جانب ذلك كان في هذه الفصول أثر من البيئة الطبيعية التي خيرها المؤلف في رحلاته هناك ، صحراء قاحلة حار ، وواحات فيها الخير كل الخير وجبال شامخة ، ويجب التنويه إلى أن هذه الفصول وكما ذكر المؤلف ، كتبت على مدى سنوات طويلة ، فبعضها وضع في الخمسينات والبعض الآخر كتب في أواخر سنة 1985، وهذا ما يفسر ما يجده القارئ من تفاوت في الأسلوب والتعبير وتكرار.
عن الطبعة

تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد

أبلغوني عند توفره
3.3 3 تقييم
37 مشاركة

اقتباسات من كتاب أفلاطون المحاورات الكاملة،المجلد الثالث

تقديم عن مسألة كيفية وصول الفضيلة الي البشر .وعرض لمشكلة طبيعة الفضيلة

مشاركة من Allaoui Otman
كل الاقتباسات
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم

  • مراجعات كتاب أفلاطون المحاورات الكاملة،المجلد الثالث

    3

مراجعات

كن أول من يراجع الكتاب

  • لا يوجد صوره
    4

    {وحينما أزاح الغطاء عن وجهه، لأنه كان قد غطَّاه، قال، وكانت تلك كلماته الأخيرة – قال: يا كريتون، إنني مدينٌ بكوك لآيسو كلابيوس، هل ستتذكر أن تدفع ديني هذا؟ إن الدين سيُدفع، قال كريتون؛ أيوجد أي شيء آخر؟ لم يكن هناك جواب على هذا السؤال؛ لكن سُمِعتْ حركة في دقيقة أو دقيقتين، وأزاح الخادم الغطاء عنه؛ كانت عيناه مفتوحتين. أطبقهما كريتون كما أطبق فمه}

    كانت هذه لحظات سقراط الأخيرة قبل موته منقولة من آخر صفحات هذا الكتاب. في هذا الجزء من سلسلة المحاورات هنالك ثماني محاورات، سقراط هو المحاور الرئيسي فيها وكعادته يستمر في إثبات أنه محاور "داهية" من الطراز الرفيع

    1- محاورة إيون:-

    إيون راوي الملاحم الشعرية قادر أن يروي ويتكلم عن هوميروس أفضل من أي شخص آخر وكأنه داخل عقل هوميروس يتكلم عن كل شيء ذكره هوميروس بانسياب وطلاقة، ولكن عندما يتعلق الموضوع بشاعر آخر فإن لسانه وعقله يصابان بالشلل التام ولا يعرف ماذا يقول. ومن هنا تنطلق المحاورة مع سقراط الذي يسأله إيون باستغراب عن حالته {لماذا إذن يا سقراط، أفقد الانتباه ولا أمتلك أيَّة أفكار ذات أهمية أقل، وبشكل مطلق، عندما يتكلم أي شخص عن أي شاعرٍ آخر؛ لكن حينما يذكرون هوميروس، فإنني أستيقظ حالاً وكلي انتباه ولدّي الكثير لأقوله}

    يجيب سقراط إيون بأنه إذا كان يمتلك فن أو معرفة ويتكلم بقواعد فنيّة فإنه سيكون قادر على الكلام عن باقي الشعراء، لأن الشعر كله من طينة واحدة ولهذا فإن موهبة إيون ليست فنَّاً أو معرفة ولكنها إلهام إلهي

    يقول سقراط لإيون فلسفة غريبة لتفسير حالة الإلهام التي تتملكه {توجد إلهيات تحركك مثل تلك المحتواة في الحجر والذي يدعوها يوريبايدس مغناطيساً، والذي يُعرف بحجر هيراقليطس بشكل عام}. ويمكن تلخيص هذه النظرية بأن العديد من القطع والحلقات الحديدية متصلة بعضها البعض لتشكل سلسلة طويلة تستمد قوتها من الحجر الأساسي وإيون هو إحدى هذه الحلقات و هوميروس أيضاً، ومصدر القوة الأساسي هو الآلهة

    {إن الشاعر لا يغني بفن، بل بقوة إلهية. وإذا ما تعلم هو بقواعد قانون، فإنه سيعرف كيف يتكلم ليس بلحن واحد فقط، بل بها كلها؛ ولذلك يسلب الله العقل من الشعراء، ويستخدمهم كممثليه، كما يستخدم أيضاً وسطاء الوحي والأنبياء الأتقياء، ليكون بمقدورنا نحن الذين نسمعهم أن نعرف أنهم لا يتكلمون عن أنفسهم، هؤلاء الناطقون بتلك الكلمات البالغة النفاسة في حين يُحرمون من العقل، بل إن الله ذاته هو المتكلم، وإنه يخاطبنا من خلالهم}

    2- محاورة بروتاغوراس:-

    هذه المحاورة محاورة ساخنة جداً، بين سقراط وعالم الكلام السوفسطائي بروتاغوراس؛ الذي يعترف جهاراً بسفسطائيته ويتباهى بها ويدَّعي أنه يستطيع تعليم أي شخص يدفع له علماً يجعله شخصاً أفضل مما كان عليه. ولهذا عندما سمع هيبوقراط الذي يتوق للعلاء السياسي وتعلم العلوم السياسية بحضور هذا الشخص للمدينة قرر الذهاب له واصطحاب سقراط معه

    سقراط يعتقد بأن الفضيلة لا يُمكن تعليمها وبروتاغوراس يؤمن بالعكس. بروتاغوراس بطبعة يمتلك ملكة عظيمة في مقدرته على الكلام وسرقة ألباب سامعيه وهذا ما حدث مع سقراط في البدء، {لم أستطع أن أحجب بصري عنه لوقتٍ طويل، بل بقيت مسحوراً به، ومتوقعاً منه أن يتكلم إلى مدىً أبعد، ومتشوِّقاً لأسمعه أخيراً}

    تمَّ الاتفاق في بداية المحاورة على أن سقراط هو من سيسأل وبروتاغوراس سيجيب؛ وهذا ما حدث وكانت كل إجابة من بروتاغوراس تلقى صدىً لدى المستمعين وتُصعِّب مهمة سقراط في إثبات وجهة نظره {هتف وصفَّق لهذا العديد من الحاضرين. وشعرت في البدء بأنني أُصبت بدوار أصبحت ضعيفاً جداً، كما لو أنني تلقّيت صفعة من يد ملاكم خبير، عندما سمعت كلماته وصوت الهاتفين المعجبين؛ ولأعترف بالحقيقة، أردت أن أحصل على الوقت كي أفكر}

    ولذلك يرفع سقراط من مستوى أسئلته (ويرتفع معها أيضاً صوتهما)، وقد نجح في حصار بروتاغوراس بالأسئلة ولذلك رفض الاستمرار في الإجابة وقرر سقراط الانسحاب أكثر من مرة. مع إصرار الحضور على استمرارهما كان الحل الأنسب لهذه المشكلة أن ينعكس الوضع، بأن يسأل بروتاغوراس ويجيب سقراط؛ وهذا ما حدث بعد ذلك

    الغريب في هذه المحاورة التي تبدأ بالعلم وأنواعه وتتفرع للعديد من المواضيع المتصلة بعضها ببعض (أروعها علم القياس خصوصاً مفهوم اللذة والألم) لتصل لطبيعة وتركيب الفضيلة وتنتهي بالوصول لمفهوم المعرفة أنها تنتهي نهاية فريدة على حد تعبير سقراط:- { يبدو لي أن نتيجة بحثنا فريدة من نوعها. إن كان لدى المحاورة صوت إنسان، فسيُسْمَع هذا الصوت ساخراً بنا وقائلاً: يا بروتاغوراس ويا سقراط، إنكما مخلوقان غريبان} لأن نتيجة الحوار كانت أن سقراط برهن على أن الفضيلة يمكن تعليمها وبروتاغوراس برهن أن الفضيلة لا يمكن تعليمها وهو عكس ما قالاه في البدء. وبسبب هذه التناقض والارتباك في الأفكار وجب أن يتم دراسة ما هي الفضيلة؟ ولكن بسبب ضيق الوقت ينسحب الطرفان

    3- محاورة يوثيديموس:-

    يوثيديموس و ديونيسودوروس أخوان ضلعيان في الفنون القتالية والحربية والأهم من ذلك فن علم الكلام. لديهما مهارة رهيبة باللعب بمحاوريهم وقذفهم بينهما كالكرة تماماً، فلا عجب أن يصاب بالدوار من قرر الدخول في حوار معهما؛ أو قرر قراءة هذه المحاورة المجنونة

    هذه المحاورة تشمل العديد من المواضيع ولكن أهم شيء يلفت الانتباه هي الملكة والموهبة التي يمتلكها هذان الشخصان، هما أشبه بالمُهَرِّجَان ولكن مع الضحك الرهيب أثناء الاستماع (القراءة) لهما هنالك إعجاب كبير بالذكاء الذي يمتلكانه

    تنطلق المحاورة من هذا السؤال: هل أولئك الذين يتعلمون هم العقلاء أو الجهلة؟ وتتفرع إلى أسئلة وأجوبة مجنونة ومتطرفة، تبعث الدهشة والإعجاب في نفوس المشاركين والمستمعين

    سقراط كان ضحية بين هاذين الأخوين، هو أيضاً أصبح كالكرة بينهما وأصابه الارتباك الشديد والذهول من أسلوبهما في الحوار، وأعترف أنهما يمتلكان حكمة لم يرى مثلها من قبل

    4- محاورة مينون:-

    عن الفضيلة هذه المحاورة تتكلم، يتحاور فيها سقراط ومينون بين سائل ومجيب لغرض الوصول لطبيعة الفضيلة وهل هي معرفة من الممكن أن تُعلَّم أم لا؟

    لسقراط وجهة نظر خاصة عن المعرفة عموماً وعن التعليم خصوصاً، فمن منطلق أن الروح خالدة وهي موجودة قبل أن يوجد الجسد الذي ستسكنه فإنها تملك معرفة سابقة؛ وعملية "التعليم" ما هي إلَّا تذكر لتلك المعرفة لا غير، ولهذا فسقراط يحب أن يطلق على هذه العملية لفظة التَّذكُر بدل التعلُّم

    وبالعودة للفضيلة فإن المتحاوران يخوضان حديثاً طويل، شيِّق، متشعب ومتسلسل (كالعادة) ليستنتج فيه سقراط أخيراً أن الفضيلة ليست بالمعرفة ولذلك لا يمكن تعليمها، بل هي هبة من هبات الله. وعن كيف تُعطى "أو توهب" الفضيلة يتوقف المحاوران عن الاستمرار لضيق الوقت أولاً ولضرورة البحث أولاً والتساؤل عن طبيعة الفضيلة الجوهرية قبل معرفة كيف تُعطى

    5- محاورة يوثيفرو:-

    عجيب هذا السقراط والله! لا يذخر وقتاً أبداً في سبيل البحث والنقاش. يعيش أزمة ومحنة وكأن الأمر لا يعنيه، يستمر في النقاش والحديث ويرفع من مستوى الحوار لأعلى المستويات ابتداءً من هذه المحاورة، فهذه المحاورة مرتبطة بالمحاورتين القادمتين

    هذه المحاورة عن التقوى والعقوق. تدور أحداثها في ردهة مبنى الملك آرخون حيث التقى سقراط بيوثيفرو، عند هذا الملك يحضر من يريد أن يدعَّي على شخص بغرض محاكمته أو أن يحضر المدعَّى عليه لفهم سبب الشكوى

    سقراط كان قادم ليرى ويفهم مضمون الشكوى المرفوعة ضدَّه؛ بكونه شخص يُفسد عقول الشباب بابتداعه لآلهة جديدة وإنكاره القديمة، ولكنه يلتقي بيوثيفرو (الذي حضر ليتهم والده بقتل عبده) وتنطلق المحاورة عن التقوى والعقوق من وحي قضية يوثيفرو. وكأن سقراط غير مُقدم على أمر خطير قد يؤدي لموته ينسى قضيته ويحاور يوثيفرو بحماس

    6- محاورة أبولوجي:-

    {لقد حانت ساعة الانطلاق، ونحن سالكون طريقنا – أنا لأموت، وأنتم لتعيشوا. أيُّنا الأفضل؟ الله وحده يعلم}

    بهذه الكلمات ينهي سقراط دفاعه عن نفسه في المحكمة أمام القضاة والمدّعين والجمهور. محاورة الدفاع أشبه بالخطاب الطويل تخلله بعض الأجوبة للمدَّعين عندما سألهم سقراط "بذكاء" عن بعض الأشياء التي تخدم قضيته، هكذا كان طلبه {دع المتكلم يتكلم بالحقّ ودع القاضي يقرِّر بالعدل} ولكن هيهات كان الحكم النهائي الصادر بحقه الموت بأن يشرب السم

    سقراط هنا قال الكثير والكثير، واعترف بسرِّه الكبير. فأن يُتَّهم بالإلحاد وإفساد عقول الشباب من وجهة نظره ما هو إلا بداعي الحسد والضغينة من أشخاص أقنعوا الكثيرين بذلك وبما أنه من الصعب أن يستدعيهم ويستجوبهم فلم يبقى أمامه إلا {أن أحارب الظلال بكل بساطة في دفاعي الخاص وأن أحاور عندما لا يوجد أي شخص ليجيب}

    {لماذا سُمِّيت حكيماً وامتلكت هذه الشهرة السيئة}يبدأ سقراط بهذا التساؤل ويجيب بأن هناك كاهن قد تنبأ بأنه لا يوجد إنسان أعقل منه (ولهذه الواقعة شهود على حد قوله وأحدهم موجود في المحكمة) ويعترف أنه حينما سمع هذه الواقعة تسأل كثيراً ماذا يمكن أن يعني الله بذلك وخصوصاً أني (سقراط) لا امتلك حكمة

    هكذا عاش سقراط حياته -على حد قوله- بالبحث عن من هو أعقل منه وبذلك فقط سيمتلك نقضاً لنبوة الكاهن عندما يجد هذا الشخص. حاور أشخاص اشتهروا بالحكمة من عالم السياسة والشعر والحرفيين ووصل لنتائج من أجمل ما تكون يضيق المكان عن ذكرها

    يستمر دفاعه عن نفسه بذكره لجانب آخر وهو الفقر المدقع الذي يعيشه مقارنه بمن يدَّعون امتلاك الحكمة وبيعها (السوفسطائيين)، شبَّه نفسه بالنُعَرة التي سخرَّها الله للحصان (الدولة) البطيء لتوقظه وتزعجه من حين لآخر. هذه طريقته في الحياة التأمل والتساؤل واستجواب وحوار وإزعاج الناس عندما يستدعي الأمر ذلك، ولو مُنح الحرية مقابل التخلي عن تلك الحياة فإنه سيختار الموت على أن يُغيِّر طرائقه في العيش

    الموت، ماذا عن الموت؟! سقراط يبدأ في هذه المحاورة بداية بسيطة عن فلسفته الخاصة بالموت، ويتوسع الطرح أكثر في محاورة فيدون، فلسفة تستحق القراءة والتأمل كثيراً

    ماذا عن سرّه الكبير؟ هو لم يقل أنه سره ولكني أحب أن أقول ذلك، في هذه المحاورة يكشف سقراط أن هناك صوتاً يأتيه منذ أن كان طفلاً يمنعه من فِعل أشياء يَهِمْ بفعلها ولكنه لا يأمره بأن يفعل أي شيء، بالإضافة للرؤى التي تأتيه في المنام. سبب اعترافه بذلك هو رده على تساؤل وتعجب البعض منه لأنه لم يحترف مهنة السياسة والنصح العلني للدولة، فالصوت الذي يسمعه منعه بأن يكون سياسياً -على حد قوله- { يا رجال أثينا، فإنني لمتأكد من أني لو اشتركت في السياسات، فما كان عليَّ إلا أن أفنى منذ زمن بعيد، ولم أقم بأي عملٍ خيِّرٍ لا لكم ولا لنفسي. ولا تتكدّروا وتغضبوا من قولي الحقيقة لكم، لأن الحقيقة هي، أن لا إنسان سينقذ حياته وقد ركَّز نفسه ضدكم بثبات أو ضد أيّة أكثرية أخرى، ويكافح في الوقت عينه ليحفظ الدولة من عدّة شوائب مخالفةٍ للقانون وغير محقّة. إن من سيحارب من أجل الحق، إذا ما كان هو سيحيى لفترة زمنية قصيرة، يجب أن يمتلك موقعاً خاصاً وليس موقعاً عاماً}

    وليوفِّر عليهم تعب مفاوضته لنيل حريته وتخفيف الحكم، فقد أوضح لهم أنه يرفض أي عرض مقدّم لذلك، وأنه لن يُقدم على استحضار عائلته لكي تستجدي عطف المحكمة، فالموت أفضل له من العيش بطريقتهم. وانطلاقاً من مبدأه القائل { أن الفضيلة لا تُعطى بالمال، بل من الفضيلة يأتي المال وكل خيرٍ آخر للإنسان، عاماً كان أو خاصاً} فإن طلبه الأخير لأصحابه كان إزعاج وعقاب أولاده عندما يكبروا إذا ما اهتموا بالثروة أكثر من اهتمامهم بالفضيلة، وإن أوفوا بوعدهم فإنه بذلك سيتلقى العدل على أيديهم

    7- محاورة كريتون:-

    تدور أحداث هذه المحاورة في السجن وقت الفجر؛ الذي يتسلل فيه كريتون لرؤية صديقة سقراط في محاولة لإقناعه بالهرب وفق خطة أعدها. وعند وصوله تفاجأ بنوم سقراط الهادئ، فيُحجم عن إيقاظه ويجلس ويتأمل نومه الهادئ في ظل فاجعته باستغراب شديد

    سقراط يرفض العرض ويقنع (كالعادة) كريتون بأسبابه التي يمكن تلخيصها؛ بأن سقراط عاش في ظل دولة لمدة سبعين عام ويشعر أنه قد ارتبط معها بميثاق، وافق على قوانينها وارتضاها ولذلك لا يجوز أن يعلن الآن أنها دولة غير عادلة حتى لو كان الحكم الصادر بحقه غير عادل، فلو ارتضى الهرب سيخون مبادئه ولن يحترمه أحد في أي مكان، لأنه إذا كان غير راضيٍ عن دولته وقوانينها كان الأجدى أن يتركها منذ زمن بعيد وليس بعد سبعين عاماً من العيش في ظلِّها. كما أن الصوت الهامس في أذنه يطن ويمنعه من سماع أي صوت آخر، ويبلغه بأن لا يستمع لما يحاول كريتون أن يقنعه به

    8- محاورة فيدون:-

    "إنّ هذه المحاورة هي بحق قطعة من روائع الأدب العالمي" هذا ما قيل عنها في مقدمة هذه السلسلة، بعد قراءتها هي فعلاً محاورة من الوزن الثقيل تدعو كثيراً للتأمل في مضمونها خصوصاً عندما نضع في الاعتبار ""متى"" كُتبت هذه المحاورة

    {كنا منهمكين خلال الساعات التي قضيناها معه، كنّا مشغولين في البحث الفلسفي، وكان سقراط هادئاً كما هو طبعه في كل حين. أما نحن فكانت مشاعرنا مهتزّة بشكل كبير لهذا الحدث الجلل، ألا وهو قرب فقد أعقل الرجال} هذا الكلام جاء على لسان فيدون راوي هذه المحاورة، التي يجتمع فيها مجموعة من الفلاسفة وأصدقاء سقراط معه في محاولة للتخفيف عنه قبل موعد اجتراعه للسم بساعات قليلة، ولكن الهدف منها أصبح عكسي لكون سقراط هو من يحاول التخفيف عنهم بحديثه عن الموت والروح وخلود الروح وما يرتبط بهما من مواضيع عدِّه، ومن أكثرها عجباً وصفه "للجحيم". لن استمر في الحديث عن هذه المحاورة لأن المزيد من الكلام عنها لن أقول أنه سيحرق المحاورة فالمحاورات بالعموم "غير قابلة للحرق"؛ ولكن محاولة الكلام أكثر سيجعل هذه المراجعة لن تنتهي أبداً

    _________________________

    ملاحظات:-

    • لا أعرف ما هو أساس ترتيب المحاورات في هذا الجزء أو غيره من أجزاء السلسلة، ففي نهاية هذا الجزء يكون سقراط قد فارق الحياة وبنظرة خاطفة على الأجزاء الثلاث المتبقية من السلسلة يكون سقراط حاضر في جزئيين منها!!!

    • مابين {....} مقتبس من الكتاب

    • وتستمر الرحلة مع المحاورات ..... إلى الجزء الرابع

    Facebook Twitter Link .
    4 يوافقون
    2 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    4

    كتاب مفيد وجيد وفيه عدة حقائق لن تتغير في ذلك الزمن وفي كل زمان

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    2
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
المؤلف
كل المؤلفون