القراءة الأولى ليّ في أدب السجون، والثانية مع أعمال سنان أنطون
كانت تكفي قراءتي الأولى له في روايته يا مريم
لأقرر من بعدها أن التهم أعماله كلها، أعماله التي على قلتها وصغرها تحكي مأساة وطن وشعب
إعجام رواية صغيرة توضح تلك المأساة عن كثب
عن شاب يدرس الآداب، تأخذه حمية الشباب والغيرة على الوطن والمعاناة التي يراها في كل ما حوله والديكتاتورية التي تكاد تخنقهم بأطرافها التي تحيط بهم من كل مكان كأذرع الأخطبوط
فيبدأ بالسخرية من كل ما حوله ومن حوله واطلاق النكات وتحريف الكلمات
وكعادة كل الأنظمة الديكتاتورية، وسيلتها الأولى والأخيرة للحفاظ على مكانتها هي القمع
يُسجن ويبدأ في سرد خواطره وذكرياته، بطريقة هذيانية مرتبكة ومحمومة
يستغل دراساته الأدبية في التلاعب باللغة التي يتقن مخابئها جيدًا
يكتب دون نقاط على الأحرف، هل سيفهم أحد غير من خطها معانيها والحزن الكامن وراءها؟
هل ستكون تلك الأوراق فخ يضعه هؤلاء الطغاة في طريقة؟
لا يهم، المهم أنه يكتب
والأهم أن ما كتبه وصلنا، وحتى إن لم يُنقح وتأخذ النقاط أماكنها على السطور كانت ستصلنا تلك المعاناة التي تتسرب من بين السطور
ربما على صغرها، أجاد الكاتب وأوجز
واستطاع بسلاسة أن يوصل رسالته
من الكتاب من تكون رسالته الدين، أو الفلسفة أو أي شيء آخر
وسنان أنطون رسالته: الوطن
أنا أعشق الرجال أصحاب القضايا، شيء بداخلي يسعى لأن ارتبط بمصيرهم حتى ولو من خلال كتاباتهم
وحتى وإن كنت ساقرأ لهم فقط
تقول أحلام: سنظلّ نحلم أن تكون لنا بهؤلاء الرجال قرابة. أن نكون لهم أمّهات أو بنات.. زوجات أو حبيبات.. كاتبات أو ملهمات.
وأضيف أنا: أو قارئات نهمات
أعجبتني اللغة العراقية على صعوبتها، لكن كان هناك ألفاظ بذيئة أثارت حفيظتي
ورغم تبرير الراوي لها في النهاية، أعتقد أن الرواية كانت في غنى عنها تمامًا
الرواية كان بها من الغموض ما استفزني وأثار فضولي
قرائتها وأنهيتها دون أن أجد أجابات لتساؤلاتي
ونهاية أكثر غموضًا
إلى سنان أنطون، لماذا كتابات صغيرة وقصيرة
ولماذا تبخل علينا بالمزيد؟
" اكتبوا بلا تخوف ولا تردد ولا تقيد لاحتمالات أن تكون الدولة راضية أو غير راضية عمّا تكتبون"...
اكتب يا رجل، لا اسكت الله لك قلمًا
تمّت
****