من أفضل الروايات العربية التى قرأتها إن لم تكن أفضلها ... دائما ما أعجبتنى الكتابات ذات الطابع التاريخى وخصوصا أن د.محمد الدواخلى أسلوبه فى هذا المجال رائع
هى رواية مزيج بين التاريخ والأساطير الشعبية العربية القديمة وطابع ألف ليلة وليلة
نجد أنه استخدم أسماء مشوهة أو رمزية لمدن نعرف لها مثيلا فى العالم العربى وخصوصا مصر ، وشعوب وجدت قديما كمحتلين أو كقبائل معروفة
فنجد مدن مثل ساوة ، طرابل ، البارق ، الثغر الكبير والثغر الصغير
ونجد شعوب مثل الأهبال (غالبا هم التتار أو المغول بمعنى أصح) ، ونجد الفرنجة وبنو الطارق وهم الطوارق ... إلخ
كنت أرى أن الرواية تحتاج لشروحات وهوامش لتوضيح بعض الأفكار أو الأسماء والمعانى الرمزية فى الرواية ، وأسماء المدن والشعوب وأى تلميح لأحداث تاريخية حقيقية إذا وجد مثل هذا التلميح
ولكن يبدو أن المؤلف أراد أن يترك المعانى عائمة لتشمل أى مكان وزمان ، الصراع بين من يريد حكم البلاد كلها لنفسه ولو لأهداف شريفة ولكن أساليب غير شريفة ، مقابل الوريث الحقيقى للبلاد الذى يستحق حكمها ، ويملك المؤهلات الحقيقية لحكمها
وكما قال لى د.محمد الدواخلى :
"فالاهبال قد يكونوا التتار او الهون او الهلالية او الامريكان في عصرنا الحديث
القائد الاسود نموذج تكرر عبر التاريخ ايضا في الشريف حسين والالفي الكبير السمؤل
في مواجهة الوريث (عبد العزيز آل سعود-محمد علي باشا-عبد الرحمن الداخل)
هذا بلد خيالي تماما لكن خريطته تشبه خريطة مصر بما يتيح للقارئ نوع من الالفة والتفاعل معها"
الصراع بين القائد الأسود ابن كبير قبيلة الأساودة مقابل الوريث الحقيقى للبلاد
حب المؤلف لأسلوب الرواية متعددة الرواة تعطى حيوية أكثر وتجعلك تفهم أسباب ودوافع كل شخصية بدلا من أن تظلمها وتحكم عليها حكما متعجلا انفعاليا
فنجد أن القائد الأسود يرى أن ما يفعله ما هو إلا لهدف نبيل وهو توحيد البلاد تحت كلمة واحدة قوية
وهنا تجد نفسك فى مأزق ... هل بهذا الهدف النبيل يستحق أن يعامل كأنه مجرد دكتاتور يريد الحكم لنفسه ؟؟؟
وجدت ان الاجابة تكمن فى اساليبه غير الشريفة ، واستعانته بالفرنجة والأهبال الأجانب ، والتركيز على فكرة الطاعة العمياء لشخصه بين اتباعه ... لا التركيز على تقويتهم باعلامهم بهدفه النبيل ... فكان من الطبيعى أن يراه الجميع فى تلك العصور القديمة كمجرد شخص قوى يريد الحكم المطلق لنفسه
الرواية عن صراع البطل الحقيقى ... عبد الشهيد بن سمعان الذى دخل رغما عنه وبارادته صراعا بين الحكام والأمراء وهو الفلاح البسيط الذى لا يريد إلا أن يعيش فى سلام
ولكن تجربته هو ووالده من قبل مع صراع الحكام شجعه على اتخاذ القرار بدخول هذا الصراع من أجل الحق
فكرة فرقة الغيلان الحمر ... حيث شوقنا المؤلف بعرض ما يقال عنهم من تخاريف من عقول تعيش عصورا غابرة ... حتى عرفنا حقيقتهم
يبدو أننى من فرط إنفعالى كانت مراجعتى غير مفهومة ... وكشفت عن الكثير من الأحداث والتفاصيل :D
وقيام عبد الشهيد بن سمعان بالتغطية على نفسه بنسب نفسه للغيلان الحمر ... ثم تعديله لقيمهم وبعض قوانينهم
غول الحق ... حزنت جدا لموته ... كان يمثل قيما نفتقدها
تفاصيل الرحلة كانت رائعة ومشوقة بشدة ... واسلوب المؤلف ولغته التى تبدو وكأنها قديمة ... فهمه لعقول الماضى
فهمه لطبيعة الشعوب وثقافتها وكيفية تفكير الأشخاص فى تلك العصور ... كلها دلائل براعة
المعارك كانت مليئة بتفاصيل استراتيجية وخطط عسكرية لم افهمها بسبب ذلك الاسلوب اللغوى ... ولكننى انبهرت رغم ذلك :D
كنت اتمنى أن يصير عبد الشهيد بن سمعان وزيرا حقيقيا للحاكم لكى ينصحه ويعلمه كيف يدير البلاد فى وقت السلم ... وهو للأسف شئ لم تركز عليه أغلب الروايات الملحمية
نهاية الشخصيات لم تعجبنى سياسيا ... مرحلة البناء بعد الحرب هى الأصعب ... لكنها أدبيا عالية
أسلوب المؤلف فى الوصف رائع جدا
بعد الانتهاء من الرواية قرأت البداية من جديد لأتذكر كيف سجل التاريخ تلك الفترة ... للأسف جعل التاريخ من القائد الأسود بطلا ... ومن الوريث ومن معه مجرد مغصبون للبلاد
نسيت ذكر أن اسلوب حكاية القصص الشعبية الجانبية أضاف الكثير من طابع ألف ليلو وليلة
يبدو أننى من فرط انفعالى كانت مراجعتى غير مفهومة ... وقمت بالكشف عن الكثير من الأحداث والتفاصيل :D