المفارقة هي أن تقرأ حدائق الرئيس فب بلد ما يسمى حقوق الانسان والانسانية. قرأت الرواية في يومين في الولايات المتحدة وكنت أقرأ وأرفع رأسي ناظرا حولي طاويا كتابي أتمعن في وجوه الناس متسائلا ترى ايهم قضى قريب له في مقبرة جماعية وانتهى المطاف ببقايا من رفاته تدفن على عجل مع كلمات عزاء زائفة لا تضمد جروحا لن يكتب لها الشفاء! وكم كنت أشعر بالحزن عندما أعلم يقينا أن هذا النوع من المقابر يحصل في بلادنا فقط وتحديدا في حدائق الرئيس.
الحرب العراقية الايرانية بويلاتها كانت تنساب بقلم الكاتب وكأنها قصة خيالية، وكأنه ابتدع الحرب والاسلحة وحتى أشباه البشر الذين سرد قصصهم. ابراهيم قسمة أحد أبطال المأساة هو بالتأكيد النموذج المثالي للمواطن العربي الخنوع الذي يغري الساسة بحكمه والجنرالات بوضعه ضمن بضعة الاف على شاكلته كدبوس صغير على خرائط مهترئة.
يحلو للكاتب أن يسرد تاريخ العراق في بضعة عقود بسلاسة وأسى، التعرض لحكم البعث واثاره على الانسان العراقي وحتى جيرانه.
الكتاب جيد ومثير للغثيان في تفاصيل انسلاخ الروح البشرية عن مكنونها وما خلقت لأجله، ما زلت أود أن أكتب أكثر ولكني أخشى أن أفقد القراء استمتاعهم بأحداث الرواية.